مار يعقوب الرهاوي (708م+)

مار يعقوب الرهاوي (708م+)

للأب د. يوسف اسطيفان البناء

كاهن كاتدرائية مار أفرام في الموصل

اختصاصي الأمراض الباطنية

يزخر التراث السرياني بنفائس لا تقدر بثمن من أفكار وكتابات وآباء وحوادث، وما إلى ذلك من مفردات في مختلف مجالات العلوم والثقافة التي تبنى بها أساسات الحضارة وصروحها على مر الأزمان، وفي الجامعات العالمية الكبرى اليوم، هناك عودة إلى الحضارة والتراث السرياني الجليل، حيث أيقن العلماء واكتشفوا من خلال الدراسات والمقارنات التي أجروها، أن الحضارة الآرامية السريانية، هي من أعطى للعالم البعد الفكري والروحي للإنسان؛ وبمعنى آخر، فإننا نستطيع القول وبكل فخرٍ واعتزاز أن الحضارات اليوم هي امتدادٌ لحضارة السريان، كيف لا وأننا نرى في يومنا هذا من المستشرقين الغربيين من أتقن اللغة السريانية وسبر غورها ليستطيع أن يترجم من تراثها الغني ليقدّم للعالم نتاجاً مميزاً وفريداً في مجالات الثقافة والعلوم المختلفة، وهكذا أصبحت النصوص السريانية مفردات نفيسة تؤسس لحضارة عالمية جديدة.

والكنيسة السريانية الأنطاكية الأرثوذكسية المقدسة، تعتز بالتراث السرياني المقدس، وتهتم بطاقتها القصوى الممكنة بنشر هذا التراث العظيم وتكريم ملافنة السريان وعلمائهم وأدبائهم وآبائهم على مر العصور، متعاونة بذلك مع كل المهتمين في العائلة السريانية المتعددة الطوائف، وغيرهم من غير السريان الذين عشقوا السريانية والتراث السرياني وسخروا جهودهم وطاقاتهم في هذا السبيل.

وهنا تأتي الإلتفاتة المباركة من لدن سيدنا صاحب القداسة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، بطريركنا المعظم، والسادة أساقفة الكنيسة أعضاء المجمع المقدس الموقرين، في اعتبار سنة 2008م (هذه السنة) سنة القديس الجليل مار يعقوب الرهاوي (708م+)، إذ تصادف ذكرى مرور (13) قرنا لإنتقاله إلى الخدور العلوية.

وبهذا الإعلان تكون الكنيسة المقدسة قد هيّأت لأبنائها وللمسيحيين كافة وللمهتمين بالتراث مناسبة مهمة للتعرف على ملفانٍ عظيم، يصنف في مقدمة علماء السريان الفطاحل في علم الإلهيات وتفسير الكتاب المقدس والترجمة والفلسفة والفقه البيعي والتاريخ والأدب واللغة والنحو وغيرها من العلوم كما يقول عنه سيدنا صاحب القداسة مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، إذ كان قد نشر مقاله بعنوان (مار يعقوب الرهاوي / 633 – 708م / اللاهوتي ، المؤرخ، المترجم، اللغوي السرياني ، مستنبط الحركات السريانية) في مجلة مجمع اللغة السريانية _ المجلد الثاني _ 1976، يوم كان مطراناً على بغداد (1969 – 1980م).

كما أن قداسة مار إغناطيوم أفرام الأول برصوم كتب عن هذا القديس الجليل في مجلة الحكمة 1930م. وفي كتاب اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانية معطيا المكانة المناسبة لشخصيته الفذة وعلمه الغزير.

ولا أريد هنا أن أكتب سيرة حياة هذا القديس الجليل وإنجازاته العلمية ومؤلفاته، لأنها موجودة وبشكل مفصل في المقالات التي أشرت إليها أعلاه، إضافة إلى الشرح الشامل لحياة هذا القديس الجليل في المقدمة الموسّعة التي كتبها نيافة مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم، مطران حلب وتوابعها، لترجمة كتاب الأيام الستة لمار يعقوب الرهاوي إلى اللغة العربية، والتي أنجزها سيدي مار غريغوريوس صليبا شمعون، مطران الموصل ونشرت عن دار الرها سنة 1990م.؛ لكني في هذه العجالة أشير باختصار إلى هذه الشخصية السريانية المرموقة، حيث كانت ولادته نحو سنة 633م. في قرية عندابا التابعة لولاية أنطاكية، ودرس السريانية والكتاب المقدس ومؤلفات الآباء في مدرسة قريته، ثم التحق بدير قنشرين ومدرسته الشهيرة قرب جرابلس سوريا، حيث تخصص في العلوم والآداب والفلسفة واللاهوت وأتقن اللغة اليونانية، ثم انتقل إلى الأسكندرية للمزيد من المتابعة العلمية، ليعود إلى الرها ويختار النسك والرهبانية طريقا لحياته، ورسم مطرانا للرها سنة 684م. بوضع يد البطريرك الأنطاكي مار أثناسيوس الثاني البلدي (687م+)، وبعد أربع سنوات ترك كرسي المطرانية محتجاً على عدم الإلتزام بتطبيق القوانين البيعية، وتوجه إلى دير مار يعقوب في كيسوم سميساط (بين حلب والرها)، ثم إلى دير أوسيبونا قرب قرية تلعدا في كورة أنطاكية، معلما شرح الكتاب المقدس، ثم انتقل إلى دير تلعدا المعروف بالدير الكبير (شمالي قرية تلعدا في كورة أنطاكية وعلى بعد حوالي 30 كلم من حلب و70 كلم من أنطاكية)، منكبا على تصحيح ترجمة الكتاب المقدس باللغة السريانية عن النص اليوناني، ومعلما اللاهوت والفلسفة واللغة اليونانية لتلامذة الدير، وحاول المؤمنون في الرها إعادته إلى مطرانية الرها، لكنه انتقل إلى جوار ربه يوم 5 حزيران 708م. ودفن في مقبرة الدير، وله الكثير العديد من المؤلفات النفيسة في الكتاب المقدس وعلم اللاهوت والتاريخ والنحو والقوانين البيعية والليتورجيا والفلسفة والرسائل في مختلف المواضيع والترجمات، وأشهر كتبه هو كتاب الأيام الستة في وصف العالم وظواهره الطبيعية في إطار قصة الخليقة، وإليه تنسب الحركات الخمس في اللغة السريانية المعبر عنها بصور أحرف يونانية، كما له محاولة في إدخال أحرف جديدة إلى اللغة السريانية.

شمّرت أبرشية حلب السريانية عن سواعدها بهمة مطرانها العلامة مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم، واهتمت بشكل مميز ولائق في إحياء الذكرى العطرة لمرور 1300 سنة على رقاد القديس الجليل مار يعقوب الرهاوي (708 – 2008م)، كيف لا وهي تحتضن آثار دير تلعدا التي اهتم نيافة المطران يوحنا في السنوات الأخيرة بتسليط الأضواء عليها وتسجيلها وقفاً باسم الكنيسة السريانية في حلب؛ وضمن الفعاليات لهذه الذكرى: اطلق اسم مار يعقوب الرهاوي على أحد شوارع مدينة حلب؛ وأقيم قداسا احتفاليا في موقع دير تلعدا قرب ضريح مار يعقوب الرهاوي يوم 5 حزيران 2008م.، ومؤتمراً باسم مار يعقوب الرهاوي في حلب للفترة من 9 – 12 حزيران 2008م. شارك فيه فريقٌ من المستشرقين والعلماء والباحثين من مختلف دول العالم، الذين قدّموا دراسات تمثل حصيلة أبحاثها بعض أوجه النتاج الفكري السرياني لهذا العلاّمة وما تركه للأجيال، وتخللت أعمال المؤتمر زيارات إلى مواقع أثرية لأديرة سريانية كانت محافل للعلم في أيام غابرة، منها : دير تلعدا ، ودير مار سمعان العمودي وهو مؤسس طريقة العموديين ، ودير قنشرين (الذي أسسه مار يوحنا ابن افتونيا سنة 538 م. وبقي آهلاً إلى القرن الثالث عشر)، ومدينة منبج التي منها خرجت الملكة السريانية تيودورة (قيصرة القسطنطينية في القرن السادس الميلادي) وكانت أبرشية العلاّمة مار فيلكسينوس المنبجي (523م+).

وكمشاركة متواضعة في هذه الذكرى العطرة أود هنا أن أعرج على بعضٍ من المواهب التي منّ بها الروح القدس على هذا الملفان الجليل:

أولاً : تعطشه لإقتناء العلم : وابتداء بمدرسة قريته عيندابا (عين الذئب من أعمال أنطاكية)، مروراً بمدرسة دير قنسرين الشهيرة، وانتقالاً إلى مدرسة الإسكندرية، ليتبحر في علوم اللغة السريانية واليونانية والكتاب المقدس والفلسفة واللاهوت والآداب .. ما جعله بحراً هادراً بل كنزاً وافراً من العطاء، فجاد حتى آخر أنفاسه بمؤلفاتٍ ومصنفات عظيمة ومميزة، أغنت المكتبة السريانية والكنيسة المسيحية، وجعلت التراث السرياني يحلق عالياً في سماء الحضارات.

ثانياً : غيرته الشديدة على تطبيق القوانين والأنظمة البيعية بأمانة : ورفضه أي تهاون في هذا المجال، وعدم تقبله لموضوع تراخي خدام الكنيسة ومحاولة التفافهم على الضوابط الكهنوتية تماشياً ومجاراةً لتداعيات مسيرة أبناء العالم واتجاهاتهم المخالفة للسلوك الروحي السوي، ما جعله أن يرفض تسلم المناصب الإدارية في الهيكلية الكنسية، ليعود إلى حياة النسك والإنعزال والعبادة الحقة، ما وفـّر له الأجواء المناسبة للتفرّغ لإشباع عطشه في اقتناء العلم والمعرفة، ثم الإبداع والعبقرية في العطاء الثر في حقل الرب.

ثالثاً : ورغم أنه عاصر فترة مضطربة جدا على الصعيد السياسي والإجتماعي، ما يؤثر سلباً على العلماء والمفكرين في هكذا ظروف، لكنه استطاع أن يجتاز هذا البحر المتلاطم والأمواج، ليسمو في العطاء والنبوغ والنتاج العلمي والثقافي والروحي، مقدماً للسريان صفحاتٍ مجيدة من تراثهم.

وأخيراً ما نرجوه ومن خلال ما كتب من مقالات وما نظم من ندوات ودراسات وتحليلاتٍ علمية وثقافية حديثة وشروحات مستفيضة بنّاءة، لهذه الشخصية السريانية العظيمة، أن يساعد في إغناء المكتبة السريانية، وإنعاش الفكر السرياني، وتغذية المؤمنين سرياناً وغيرهم – بجرعات تراثية جديدة، وليشملنا الرب بمكارم وصلوات هذا القديس الجليل. آمين.

قراءة المزيد

القديسة كورونا(استيفاني) السوريَة ـ السريانية.

Saint Corona (Stephani),the Syrian.

S:ta Corona – Stefani av Syrien.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
ܩܰܕܝܫܬܳܐ ܟܘܪܘܢܰܐ(ܐܶܣܬܝܺܦܰܐܢܝܺ) ܣܘܽܪܝܬܳܐ܇ܣܘ̣ܪܝ̣ܝ̣ܬܳܐ

القديسة كورونا(استيفاني) السوريَة ـ السريانية.

Saints Victor and Corona – Stephanie.
S:t Viktor & St:a Corona.
ܩܕ̈ܝܫܶܐ:ܦܝܺܟܬܘܽܪ ܘܟܘܽܪܘܢܰܐ ـ ܐܶܣܬܝܦܰܐܢܝ
القديسان: فيكتور وكورونا ـ إستيفاني.
قرأت اليوم وأعجبني.!!
I read today
Jag läste i dag
ܩܪܝܬ̣ ܝܘܡܢܐ: ܡܰܢ ܐܝܺܬ̣ܶܝܗ̇ ܩܰܕܝ̣ܫܬܳܐ ܟܘ̣ܪܘܽܢܰܐ(ܐܶܣܬܝܦܰܐܢܝܺ)
من هي القديسة كورونا(إستيفاني).؟
Who is Saint Corona(Stephani).?
Vem är S:ta Corona.?
ܪܒܢ ܪܒܘܠܐ ܕܝܪܝܐ ܘܩܫܝܫܐ ܣܘܪܝܝܐ
Fr.Rabola.

 

قراءة المزيد

القديس البار أفرام السوري (+373م)

القديس البار أفرام السوري (+373م): تعيد له الكنيسة في28 كانون الثاني:

كثيرون من القدامى تحدّثوا عن البار أفرام أو امتدحوه. أبرز هؤلاء القدّيس غريغوريوس النيصصي في مديحته الخاصة به. باسيليوس الكبير شهد له وكذلك الذهبي الفم . بلاديوس وثيودوريتوس وسوزومينوس امتدحوه. فوتيوس الكبير اعتبره معلّم المسكونة الإلهي و القدّيس سمعان المترجم كتب سيرة حياته. غريغوريوس النيصصي أسماه “القديس أفرام” ولقبه بـ “فرات الكنيسة الروحي” ودعاه “أبانا العظيم” و”قدّيسنا المشهور” و”النبي الفائق” و”المعلم أفرام”، وتجرّأ فجعله بجانب “أعظم المولودين في النساء” و”وسيط عهد الناموس والنعمة”.

 

قراءة المزيد

القدّيس مار أفرام السُّرْياني (٣٠٦؟-٣٧٣)

القدّيس مار أفرام السُّرْياني (٣٠٦؟-٣٧٣)

حسيب شحادة

مار إِفْريم سورْيايا، Ἐφραίμ ὁ Σῦρος، Ephraem Syrus, Ephrem the Syrian أعظم شاعر سرياني مسيحي، وأبرز آباء كنيسة السريان الأرثوذكس. يُدعى أيضًا بأفرام النصيبيني أو أفرام الرهوي أو الملفان مار أفرام السرياني، ملفان الكنائس السورية ومعلّم الأرثوذكسيين أجمع. يُكنّى بـ ”قيثارة الروح القدس“ ، ”شمس/نبي السريان“، ”نهر الفرات الروحي“، ”أبونا العظيم“، ”تاج الأمّة السريانية“، ”صاحب الحِكَم“، ”قدّيسنا المشهور“، ”النبي الفائق“، ”عمود الكنيسة“. كلّ هذا ولا ذكر لاسم أبويه أو اسم عائلته. كان القدّيس يوحنّا الذهبي الفم قد نعته بالكلمات ”أفرام كنّارة الروح القدس ومخزن الفضائل ومعزّي الحزانى ومرشد الشبّان وهادي الضالّين، وكان على الهراطقة كسيف ذي حدّين“. وقال المؤرخ اليوناني سوزومين عنه ”إنّه أرفع من كل ثناء وقد زيّن الكنيسة كلَّها أفخر زينة، وفاق الكتّاب اليونانيين بحكمته ورونق كلامه وأصالة رأيه وسداد برهانه“. اعتبر أحد آباء الكنيسة ومعلّميها منذ العام ١٩٢٠. مار أفرام واعظ، مفسّر للكتاب المقدّس، ناظم ترانيم ولاهوتي متواضع لأبعد الحدود. تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بعيده في الثامن والعشرين من كانون الثاني.
هناك شَحّة في المعلومات الموثوقة عن حياته، ولا بدّ من فرز الواقع عن الخيال والأساطير التي حيكت حول حياته. معنى اسمه ’الخصب‘، ولد في عهد الإمبراطور قسطنطين في نصّيبين (Nisbis) السريانية في بلاد ما بين النهرين (اليوم في تركيا)، على حدود إمبراطوريتَي الفرس والروم، لوالدين مسيحيين فقيرين وهو القائل: ”ولدت في طريق الحقّ، مع أنّني في صبوتي لم أدرك عظمة الحقّ، وإنّما عرفته بالتجربة“. آنذاك كانت نصيبين مركزًا تجاريًا وعسكريا. قضى فترة شبابه كالآخرين، بعيدًا عن العبادة والقداسة، إلا أنّ تجارب الحياة لقّنته عبرًا ودروسا. شهد عصره، القرن الرابع للميلاد، الكثير من الشدائد الدينية والسياسية من جهة، ويعتبر القرن الذهبي للمسيحية المشرقية من جهة أخرى. يُروى عنه أنّه كان دائمًا بكّاء، عابس الوجه، ولم يضحك قطّ، والكنيسة السريانية تصف المتنسّك بالبكّاء. تتلمذ أفرام لأسقف نصيبين، مار يعقوب النصيبيني (٣٠٩٣٣٨) ويوليانوس، اعتمد وهو ابن ١٨ سنة، ثم رُسم شمّاسًا، علّم في مدرسة مرموقة بناها يعقوب عام ٣٢٥ مدّة ثمانية وثلاثين عامًا، ثم أدارها هو بعد وفاة مار يعقوب سنة ٣٢٨، إنّها أكاديمية نصيبين حسنة الصيت، التي لقّبت بـ ”أمّ العلوم“. وفيها دُرّست الأسفار التوراتية التالية: أسفار موسى الخمسة، القضاة، سفرا صموئيل، سفرا الملوك، أمثال سليمان، نشيد الأنشاد، أيّوب، أشعياء، الاثنا عشر نبيا، إرمياء، حزقيال، دانيال. وعلى الناشئة قراءة مزامير داؤود وحِكم ابن سيراخ، وبخصوص العهد الجديد فيجب تدريس الأناجيل الأربعة ورسائل الرسل والرسائل الكاثوليكية الثلاث، وأربع عشرة رسالة للرسول بولس.
خدم أفرام الكنيسة في فترة أساقفتها الأربعة، يعقوب، بابو، فولوجيس، إبراهيم. يقال إنّه رافق الأسقف الأوّل وحضر معه مجمع نيقية في نفس العام، وفي المجمع أُدينت الأريوسية وكل الهراطقة. انتقل مضطرًا عام ٣٦٣، إثر احتلال الفرس لنصيبين، إلى مدينة آمد (في ديار بكر) عند أخواله، ومن ثمّ سنة ٣٦٥ إلى مدينة الرُّها أو أودسة (Edessa) أو أورفه، التي كانت تحت سيطرة الروم، وتبعد نحو ٢٦٠ كم إلى الغرب من نصّيبين. عرفت تلك المدينة كمركز رئيسي للمسيحية في وقت مبكّر، وازدهرت فيها الثقافتان السُّريانية واليونانية، كما في نصيبين حيث عرفت تعدّد الأديان والمذاهب. وفي أودسة أقام مدرسة الفرس وعلّم فيها مادّتي التفسير والتراتيل، في كنف المطران بارسيس. ونصّيبين في القرن الرابع، كانت سريانية بالكامل، واشتهرت بمدرستها التي تخرّج فيها نوابغ. من أشهر تلاميذ أفرام: آبا والشمّاس زينوبيوس المعروف بالجزري وآسونا وقورلونا وشمعون السميساطي ويوليان والقسّ إسحق الآمدي والقسّ عبسميا وهو ابن أخت أفرام السرياني. في عهد أفرام أُنجزت ترجمة الكتاب المقدّس، بعهديه القديم والجديد إلى السريانية. يبلغ عدد السريان اليوم قرابة الستّة ملايين نسمة، وهم موزّعون في شتّى أرجاء العالم، مثل الهند، أوروبا، أمريكا، وفي شمال سوريا حوالي المائة ألف. ولهذا الشعب السرياني أيادٍ بيضاء في الحضارة الإنسانية عامّة والعربية خاصّة، إذ أنّه كان يشيّد المدارس قبل الكنائس، وكانت الأديرة بمثابة دور علم ومعرفة وبحث. مساهمة السريان جلية في ميادين عديدة كالطبّ والكيمياء والزراعة والفلسفة والجغرافية واللاهوت والتجارة والفلك والترجمة بين اللغات: السريانية واليونانية والعربية. وكانت السريانية لغة عالمية على مدى عدّة قرون, وأدّت دور الوسيط ما بين الشرق العربي الفارسي والغرب الإغريقي اللاتيني.
يُروى عن مار أفرام أنّه عند اقترابه من الرها، بعد أن سلّمت نصيبين إلى الفرس عام ٣٦٣، صادف امرأة زانية تحدّق فيه بشكل مثير للريبة، فقال لها ”يا امرأة ألا تستحين أن تحدّقي بنظرك إليّ هكذا؟“، فأجابته ”إنّ المرأة قد أُخذت من الرجُل فيحقّ لها أن تتفرّس في أصلها، أمّا الرجل فأُخذ من التراب فينبغي عليه أن يتفرّس في أصله الذي أُخذ منه“. عندئذ قال في نفسه ”إن كانت نساء هذه المدينة حكيماتٍ هكذا فكم تكون حكمة رجالها؟“ وفي الرها، على ذمّة الرواية، اشتهته جارة له باسم صوفيا وقالت له ذات يوم: أتحتاج إلى شيء؟ ردّ عليها: إنّي بحاجة إلى حجارة وإسمنت لبناء سور بيننا كي لا أراك. اشتاطت المرأة غضبًا من ذلك، وهدّدته بأنّها ستتّهمه أمام الشعب بارتكاب الرذيلة معها، إن لم يستجب لتلبية رغبة جسدها. تظاهر أفرام بتلبية طلبها شرط أن يتمّ مبتغاها في سوق المدينة. دهشت المرأة وقالت: كيف يكون ذلك والناس يحيطون بنا؟ ردّ عليها: إن كنتِ تخجلين من الناس، فلم لا تستحين من الله، الذي تخترق عيناه أستار الظلام؟ تأثّرت المرأة، اتّعظت، تابت والتحقت بأحد الأديرة وخدمت الربّ. (للراغب هناك فيلم بجزئين عن حياة أفرام:
https://www.youtube.com/watch?v=vUiKHBU36rc
https://www.youtube.com/watch?v=So8RRtEPiPM
في الرها خدم أفرام عند أُسقفها برسا ٣٦١٣٧٨، علّم وكرز للوثنيين، فسّر الكتاب المقدّس، نظم الشعر الديني والروحي، أمضى وقتًا في التنسّك، كان يهرب من هذا العالم إلى حياة الخلوة والوحدة والتأمّل، من آن لآخر، ولم يأكل سوى خبز الشعير والبقول المجفّفة. كان بمثابة الأب والراعي لمئات من النسّاك. كان الفقر عند أولائك النسّاك التزاما. قبيل رحيله عن هذه الفانية قال ”لم تكن لأفرام محفظة ولا عصا ولا كيس مطلقا. ولا امتلكت في حياتي شيئًا من الذهب أو الفضّة، لأنّي سمعت الملك السماوي يقول لتلاميذه أن لا يقتنوا شيئًا على الأرض. لذا لم أرغب بشيء بل ازدريت المجد والمال ومِلت إلى العلويات.“
وفي قصيدة معروفة وصف أفرام فلسفته الرهبانية، وفيها يتحدّث مع نفسه، التي روّضها على شظف العيش، وورد فيها:

كم مرّة جُعت
وكان جسدي بحاجة إلى الطعام
ولكني امتنعت عن تناوله
لكي استحقّ الطوبى التي سينالها الصائمون
عطش جسدي الذي جُبل من طين
ورغب في الماء ليرتوي
فأهملته ناضبًا لكي يستحقّ التلذّذ بندى النعيم
وإذا كان الجسد دائمًا يكثر مراودتي
فإنّي كنت أروّضه يومًا فيومًا حتّى النهاية
في مساء كلّ يوم أتصوّر أنّي لا أكون في الوجود صباحًا
فأقوم للصلاة والعبادة حتى شروق الشمس وبزوغها
عندما سألني الجسد غفوة
استهويته بالطوبى التي منحها الربّ للإيقاظ
قد صار ذهني مذبحا
وأرادني كاهنا
وكمثل حمل لا عيبَ فيه ضحيت بذاتي قربانا
تحمّلت عذاب الجوع منتصرًا عليه
إذ رأيتك بين اللصّين تذوقُ المرارة لأجلي
اعتبرت ضيق العطش وكأنه لم يكن
إذ رأيت سيّدي بسبب خطيّتي يمتصّ الخلّ
لم أُعر للأطعمة أهميّة
إذ وضعت نُصْب عينيّ وليمة ملكوتك.

وفي صلاة له نجد ما معناه:

أيّها الربّ وسيّد حياتي، أَعتقني من روح البِطالة والفضول، وحبّ الرئاسة والكلام البطّال . وأنعم عليّ أنا عبدك الخاطىء بروح العفّة واتّضاع الفكر والصبر والمحبّة. نعم يا ملكي، وإلهي، هَب لي أن أعرف ذنوبي وعيوبي، وأن لا أدين إخوتي، فإنّك مبارَك إلى دهر الداهرين، آمين.

مات أفرام بوباء الطاعون في التاسع من حزيران عام ٣٧٣، وهو يداوي المصابين به، ويعزّي الحزانى أيام المجاعة التي حلّت بأهالي الرها في آخر حياته. وفي الخامس من تشرين الأّول سنة ١٩٢٠ أعلنه البابا، بندكتس الخامس عشر، ملفان الكنيسة الجامعة. ممّا ورد في وصيته ما يلي ”… وارُوا جسدي التراب بثوبي وقبّعاتي وذلك في مقبرة الغرباء لأنّي غريب نظيرُهم، وكل طير يأوي إلى شكله. لا يجدر البكاء على الصالحين عند رُقادهم لأنهم يرثون الحياة الأبدية حال دخول أجسادهم غياهب القبر، إنّما يليق بكم، أيها الإخوة، أن تسكبوا الدموع على أمثالي ممّن بدّد حياته بالأباطيل … هلمّ بسلام يا ملاك الموت، يا من تفصِل النفس عن الجسد، هلمّ افصلهما عن بعضهما حتّى يحين موعد البعث“. نقل رفاته فيما بعد إلى مَقبرة المطارنة في مدينة الرُّها الكبرى، وهناك رواية تقول إنّه نُقل عام ١١٤٥ إلى أوروبا.

لم يصلنا من تفسيراته للكتاب المقدّس نظمًا ونثرًا، سوى تفسيرٍ لسفرَي التكوين والخروج وشذرات أخرى متفرّقة. ولا يوجد في أعماله أيّ صدى لأفكار وعادات اليهود المسيحيين، أو تأثير واضح للفلسفة اليونانية. أمامنا فكر سامي رمزي. له خطب ورسائل وميامر ومداريش (memre, madrashe) . الميمر منظومة تعليمية تُقرأ ولا تُنشد، في حين أنّ المدراش ينشد، وهو ذو أبيات محدودة، ذات ردّة لازمة وأوزان كثيرة. ويقال إنّ عدد هذه المدارش/المداريش الأفرامية وصل إلى قرابة الخمسمائة. وعن الفردوس يقول مار أفرام ”… قاعُه للتائبين، ووسطه للأبرار، وقمّته للكاملين، والعرشُ لرئيسه … إنّ نوحًا في فُلكه آوى البهائم في الطابق السفلي، وأوْكر الطيور في الطابق الوسطي، وتربّع كإله في الطابق العلوي“.

عُصارة فكره الروحي تتلخّص في أن الله خلق الخليقة من أجل الإنسان، الفردوس هو خِدر العفّة، والأرض مسكن البهائم؛ الجنسية أرضية والبتولية سماوية. يشبّه الإيمان بعروس تسير في مقدّمة الجمهور، والصلاة هي العذراء في خِدرها. يعجِز الإنسان عن معرفة وجود الله بدون الله، ويشدّد أفرام على قرْن الإيمان النقي بالعمل. الإيمان والمحبّة جناحان لا ينفصلان، وفي نظره الإيمان فوق المحبّة. محبّة الله والقريب هي الوصيّة العظمى. وعن الصوم عن اللحم وعن الخمر يقول أفرام: هناك مكافأة خاصّة في الفردوس، المقصود بالصوم هاهنا، ليس عن الأكل والشرب بل وعن الخطيئة. وللبتولية، صوم الطبيعة، أجر خاصّ في الفردوس، ويذهب إلى أنّ طبيعة الإنسان غير فاسدة.
يُعتبر انتاجه الشعري والنثري، زهاء الثلاثة ملايين من الأسطر، حوالي ١٢٠ ألف صفحة، ١٢ ألف قصيدة و ٥٥٠ مدراشا/نشيدًا وغير ذلك من الصلوات والابتهالات، أيّ ما يبلغ بضع مئات من الكتب، ثروة عظيمة للمكتبة المسيحية، مثل شرح كلّ الأسفار المقدّسة، مقالات ورسائل وميامر وتسابيح. ترجع أقدم مخطوطات كتابات أفرام السرياني إلى القرن السادس. ومن آثاره الهامّة ما كتبه ضد الهراطقة مثل هرطقة برديصان السرياني (ت. ٢٢٢)، وكان ابنه هرمونيوس قد نظم ١٥٠ نشيدًا لمنافسة مزامير النبي داؤود، فما كان من أفرام إلا أن عارضها بنفس العدد من الأناشيد (وكان برديصان آخر الغنوصيين قد فعل مثل ذلك من قبلُ)، كانت جوقة كنسية من العذارى أسّسها أفرام ترنّم منها في الكنيسة كلّ صباح ومساء. وفي الليتورجيا السريانية أناشيد كثيرة لأفرام. وفي كتاباته يتطرّق أفرام إلى مواضيع كثيرة جدًّا مثل: الإيمان، المسيح، الكنيسة، الجنّة، الخطيئة، الصبر والحذر، هدم الكبرياء، الطبيعة، السلطة الروحية نقيض السلطة الزمنية، الروح القدس، الحضّ على التوبة (له كتاب عن التوبة صدر بالعربية عام ٢٠٠٤ وهو متوفّر على الشابكة)، نصائح، ابتهال وتخشّع، عناية الله، معرفة الجهاد، ورود ربّنا يسوع المسيح الثاني، البتولية وصفاتها، الورع، المحبّة، ذكر الموت، أنواع الفضيلة. اندثر قسم كبير من انتاجه.
في مجال الشعر يمكن التنويه بقصائده الثلاث بعد حصار الفرس الثالث لنصيبين عام ٣٥٠ بقيادة شابور الثاني؛ قرابة الأربعين قصيدة حول آلام المسيح؛ قصيدة قصّة يوسف الصدّيق. لأفرام قصائد طويلة جدًّا وهي على البحر السباعي الخاصّ به وعلى البحر الخماسي، يبلغ عدد أبيات بعضها الآلاف وهي بدون قافية. ترجمت معظم أعماله لأهميتها أولًا إلى اليونانية بقلم فلافيان الأنطاكي وديودور الطرسوسي، ثمّ إلى لغات أخرى كاللاتينية والأرمنية والجيورجية والحبشية والسلافية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والصينية والعربية.
حول ما نقل من نتاج أفرام للعربية، لا بدّ من التنويه بمخطوط في ستراسبورغ تحت رقم ٤٢٢٦ وفيه مادّة وافرة. الجدير بالذكر أنّ إبراهيم بن يوحنا الأنطاكي كان قد ترجم عام ٩٨٠ إلى العربية بعض المقالات التي تُعنى بالرهبنة، وبعده آخرون في القرن الحادي عشر. نذكر أن ثلثي كتابات أفرام السرياني مترجمة عن اليونانية والثلث الأخير عن السريانية. ويذكر أنّ السمعاني وبيار مبارك كانا أوّل من نقلا مؤلفاتٍ لأفرام إلى اللاتينية، ثلاثة مجلدات، ١٧٣٧، ١٧٤٠، ١٧٤٣. يلاحظ أنّ موقف أفرام من الثقافتين اليونانية والرومانية غالبًا ما كان سلبيًا وأطلق عليهما عبارة ”السمّ القاتل“. رأى في اليهود عُبّاد العِجل وقتلة، وصارعهم لما كان لهم من تأثير سلبي في نظره على المسيحية آنذاك. أمّا الهراطقة، مرقيون وبرديصان وماني فقد تصدّى لهم وقاومهم بكلّ ما أوتي من معرفة وفطنة، بناء على تفسيره الرمزي لكلمة الله. ويعتقد أفرام أنّه بالإيمان وحده يتسنّى لنا مشاهدة غير المنظور. ومن الجدير بالذكر أنّ أفرام في سياق تفسيره الثالوث قال إنّه كالشمس، فبقرصها هي كالآب، وشعاعها كالابن وحرارتها كالروح القدس. والأمر ذاته يسري على النار، فاللهيب هو الأب وشعاعها الابن وحرارتها الروح القدس. يُنسب النصّ ”المجد للآب والابن والروح القدس“ بإضافة الواو إلى ’الروح‘ إلى أفرام السرياني، كما يشير مار باسيليوس الكبير أسقف قيصرية قبدوقية (ت. ٣٧٩).

من أقواله المأثورة:

  • الدموع في الصلاة موهبة عظيمة.
  • إنّي ما جدّفت على الربّ كلّ عمري، ولا خرجت كلمةُ جهل من بين شفتي طوال حياتي، ولا لعنت أحدًا ولا خاصمت أحدًا من المؤمنين.
  • إن سكنتِ المحبة فيك، فلا عدوَ على الأرض.
  • إفصل نفسك عن الحيوانات بأعمالك لا بالكلام.
  • عندما تحارب أخاك يصير الشيطان مطمئنا.
  • عندما تحبّ الجدال الباطل، تكون قد أعددتَ وليمة للشياطين.
  • لا تتكلّم أكثر ممّا يجب، ولو كانت الكلمات حكيمة، لأنّ كلّ شيء إن زاد عن حدّه يكون مملّا، حتّى ولو كان حكيما.
  • يا لعظم وسموّ الصلاة! سعيد المصلّي بحرارة، فالشيطان لا يقرُبه أبدا.
  • نحن عاجزون عن فهم المعاني العميقة للواقع.
  • لا تسخر من إنسان غبي، بل صلِّ لكي لا تكون مثله.
  • أقم حصنًا حول شفتيك، وضع حارسًا على فمك.
  • إنّ روح الكبرياء حريص على أن يزرع في الجميع زؤانه.
  • هل دخل الفقير بيتك؟ لقد دخل الله إليه!
  • لا حارسَ مثل علامة الصليب، إنّها ستكون حصنًا لك.
  • من يؤمن بابن الله فله حياة دائمة.
  • لنتُب يا إخوة ما دام لنا وقت، فقد سمعتم قول المسيح ”هكذا يكون فرح عند ملائكة الله بخاطىء واحد يتوب“ (لوقا ١٥: ١).
  • الكنيسة هي جماعة التائبين.
  • إنّ الطهارة بمحبّة المسيح موهبة عظيمة.
  • الحسد سهم نافذ يقضي على راميه.
  • إنّ الحكيم لا يبغُض أحدًا، وإن أبغض فإنّما يبغض الجاهل. أمّا الجاهل فلا يحبّ أحدًا، فإنّه يحبُ رفيقه الجاهل.
  • إبكوا عليّ أنا الذي أحبّ قريبي بالأقوال وأبغضه بالأفعال!
  • اقتن المال بمقدار، أمّا العلم فاكتسبه بلا حدّ. إنّ المال يكثر الآفاتِ، أمّا العلم فيورث الراحة والنعيم.
  • مثلما تتساقط الأوراق من الأشجار، هكذا يتساقط البشر من الحياة.
  • مررتُ ذات يوم بباب القبر متأمّلا. فرأيت العالم في حقيقته، رأيت العبد وسيّده والتلميذ ومعلّمه سواسية. أجل، رأيت الملوك راقدين، وقد نُزع منهم سلطانهم.
  • من قال إنّه لا يغلَط، فبهذا غَلِط وهو لا يدري.
  • التعاظم بالفكر هو بدء الشرور ونهايتها.
  • بطوفان الدموع جعلتَ الصحراء أرضًا خصبة.
  • كن في فتوّتك متواضعًا لترتفع في شيخوختك.
  • إنّ الحكمة أفضلُ من الزينة، والعلم خير من الأموال، والفتى الحدث الحكيم خير من الملك الشيخ الجاهل.
  • من يمتلك ذهبًا خالصًا لا يخشى منِ امتحانه بالنار.
  • ليس بكثرة البنين تكون الحياة للآباء.
  • إذا شاء ربّ البرايا قام الولد الواحد مقام الكثيرين.
  • الله كبير لدرجة ولا يمكن إخفاؤه بأيّ شيء.
  • مبارك الذي خلق أجسامنا مسكنًا لطبيعته غير المرئية.
  • لا أحدَ في العالم غني سوى خاشي الله.
  • لم أُعر للأطعمة أهميّة، ونبذت الخمور إذ وضعت نُصْب عيني وليمة ملكوتك أيها الختن السماوي.
  • الله موجود في داخلنا.
  • نحن كمثل بيت كثير المصروفات وليس له من إيراد فهذا سريعًا يخرب.
  • منَ الآن دعِ القول وابدأ بالعمل … هل تقول الشمس إنّها تضيء… إعلم ولا تتكلّم؟!
  • لا تحسُب لك حياة إلا الزمان الذي أطعت فيه الله.
  • كما يطرَب الخِنزير من التمرّغ في الحمأة هكذا تطرب الشياطين بالزنا والنجاسة.
  • غذاء النار الحطب وغذاء الغضب استعلاء الرأي.
  • متّقي الربّ بالحقيقة، يصير طبيبًا للآلام.
  • اليوم الذي لا تجلس فيه مع نفسك لا تحسُبه من عِداد أيّام حياتك.
  • في الهيكل حيث تمثال، لا تُصلّ إلى الله.
  • ضلالة الرجل ألا يعرف الكتب، ويضلّ ضلالا مضاعفًا من يعرفها ويتهاون بها.
  • يا ربّ لتكن نعمتك فيّ مثل النار، فتحرُق جميع الأفكار التي تباغتني.
  • ما دام طعامنا لم يأت إلينا فلا بأسَ أن نذهب نحن إليه.

خلّف مار أفرام السرياني إرثا ساميًّا خالصًا, يحُقّ للسريان أن يفاخروا به الدنيا. لم يُنصَف مار أفرام بين آباء الكنيسة لبعض الأسباب، أهمّها كتابته بالسريانية، في عهد كانت اليونانية لغةَ الثقافة في الشرق، ثمّ كتاباته اللاهوتية كانت شعرًا ورمزًا في العهد نفسه، حيث هيمن الفكر العقلاني الفلسفي عامّة والأفلاطوني خاصّة على المسيحية. ويعود فضل كبير في التعريف على هذا الإرث في العصر الراهن للأب إدموند بيك (Edmund Beck)، الذي شرع في تحقيق ونشر آثار أفرام ونقلها إلى الألمانية بمنهجية علمية منذ العام ١٩٥٥ وحتى العام ١٩٧٩. أثر كتابات أفرام السرياني لا تقتصر على الشرق فقط. وقد قال أحد الباحثين ”لو نفدت ترجمة الكتاب المقدّس بالسريانية الأصلية لتيسّر جمع نصوصها من تصانيف مار أفرام…“ عُرف أفرام بمجموعة من السمات الرفيعة التي قلّما يتحلّى بها الإنسان، منها: البتولية، التعليم المستقيم، الحكمة، الحِلْم، الرزانة، الطهارة، الاعتدال، السيطرة الداخلية والخارجية على النفس، التوحّد، الفقر، التفاني في مساعدة المحتاجين.

مراجع:

أبونا، ألبير، مار أفرام الملفان. مجلة بين النهرين ٢، ١٩٧٣، ص. ٢٠١٢٢٠.
أبونا، ألبير، أدب اللغة الآرامية. بيروت ١٩٧٠.
أيوب، الخوري برصوم يوسف، عبقرية مار أفرام. حلب ١٩٥٨.
برصوم، البطريرك أغناطيوس افرام الأول، اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانية. حلب ١٩٥٦، دمشق، مطابع ألف باء، الأديب، ط. ٥، ١٩٨٧.
البرموسي، القمص اغسطينوس، القديس مار أفرام السرياني، سيرته، أقواله. القاهرة: مكتبة المحبّة ١٩٨٨، ط. ٢، ٢٠٠٦.
البستاني، كميل أفرام ، مار أفرام، سيرته، آثاره، قيمته. بيروت ١٩٧٣.
بسترس، المطران كيرلّس سليم، الأب حنا الفاخوري، الأب جوزيف العبسي البولسي، تاريخ الفكر المسيحي عند آباء الكنيسة. ط. ١، بيروت: المكتبة البولسية، ٢٠٠١، ص. ٥٥٥٥٦٨.
بيغوليفسكايا، نينا فيكتوروفنا، ثقافة السريان في القرون الوسطى، ترجمة خلف محمد الجراد. موسكو، دار العلم، ١٩٧٩، الترجمة، سورية – الحسكة ١٩٩٠.
ثابت ، يوحنا الأب، تفسير لسفر التكوين منسوب إلى القديس أفرام السرياني في المخطوط الماروني هونت ١١٢ في مكتبة اوكسفورد، قدّم له ونشره الأب يوحنا ثابت، رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك، ١٩٨٢.
جبور، اسبيرو والأب أفرام كرياكوس، القدّيس أفرام السرياني – مختارات نسكية وزهدية. ١٩٩٤.
الخوري، الأب يوحنا يشوع والأستاذ عبد المسيح قره باشي، مختارات من أناشيد مار أفرام. بيروت ١٩٧٣.
دولباني، مار فيللوكسينوس يوحنا، الشعر عند السريان. حلب ١٩٧٣.
الديراني، نزار حنا، الإيقاع في الشعر، دراسة مقارنة بين العربية والسريانية. بغداد، دار التوثيق، ٢٠٠٠.
ساكو، لويس البطريرك، آباؤنا السريان. بغداد ١٩٩٩.
السرياني، الراهب القمص سمعان، القديس العظيم ما افرام السرياني، قيثارة الروح. القاهرة ١٩٨٨.
عيواص، البطريرك زكّا، سيرة مار أفرام السرياني. ط. ٢، دمشق ١٩٨٤.
كامل مراد وآخر، تاريخ الأدب السرياني من نشأته إلى الفتج الإسلامي. القاهرة ١٩٤٩.
المخلصي، منصور، مار أفرام الشماس. بغداد ٢٠٠٣.
نجم، بيار، مريم العذراء في فكر القدّيس افرام السرياني. جامعة سيدة اللويزة ٢٠٠٤.
اليسوعي، الأب بطرس قرماج ، مروج الأخبار في تراجم الأبرار. طبع عام ١٨٨٠.
يعقوب الثالث، آغناطيوس، أعجوبة الزمان أو مار أفرام نبي السريان. دمشق ١٩٧٤

http://arabic.coptic-treasures.com/patrology/ephram-syrian.php
http://syri.ac/brock/ephrem

Brock, Sebastian, Introduction, St. Ephrem in Hymns on Paradise. Crestwood, NY: St. Vladimir’s Seminary Press, 1990.
Brock, Sebastian P. , The Luminous Eye: The Spiritual World Vision of Saint Ephrem (Revised Edition)- Kalamazoo: Christian Publications, 1992.
McVey, Kathleen, Introduction in Ephrem the Syrian’s Hymns. New York: Paulist Press, 1989.
Griffith, Sidney H. Faith Adoring the Mystery. Reading the Bible with St. Ephraem the Syian. Marquette University Press Milwaukee, Wisconsin, 1997.
Matthews, Jr., Edward G., and Joseph P. Amar (trans.). Saint Ephrem the Syrian: Selected Prose Works. Catholic University of America Press, 1994.