موفق
بطرك الآشوريين، وأكيتو المنتحل، والأمة النينوية

موفق نيسكو

بطرك الآشوريين، وأكيتو المنتحل، والأمة النينوية

يَحتفل من يُطلق على أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين بعيد أكيتو المنتحل في الأول من نيسان، وقد ذكرت سابقاً قصة هذا العيد المسروق من حضارات العراق القديم، والخُدع التي يستعملها رجال دين وسياسيو الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد، ففي كل عام يأتون بخُدعٍ جديدة ليزوِّرا تاريخ العراق وتاريخ المسيحية فيه، ويغشوا الناس البسطاء لأغراض سياسية، ومن هذه الخُدع رسالة بطرك الآشوريين آوا الثالث هذه السنة لرعيته، مستعملاً مصطلحاً سياسياً جديداً هو: (الأمة النينوية، ويجب أن نتحد كأبناء وبنات أمة نينوية واحدة)، ناسياً أن الآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء ولا بنينوى، إنما هم سريان آراميون ينحدرون من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، ونتيجة انقسامات الكنسية، سرق لهم الغرب (روما والإنكليز) بعد القرن السادس عشر الميلادي، اسمي كلدانٍ وآشوريين القديمين، وسَمَّوهم بهما، ثم قام مطران الكلدان أدي شير سنة 1912م باختراع اسم مزور جديد لربط الاسمين معاً هو، كلدو وأثور، والادعاء أنهم سليلو الآشوريين والكلدان القدماء، لكن محاولته خاصة بعد سنة 2003م، أثبتت فشلها في كل شيء، إلاَّ في أمر واحد هو أن الكلدان والآشوريين الجدد، هم أعداء كما كان الكلدان والآشوريون العراقيون الحقيقيون القدماء، حيث تحوَّل الطرفان إلى أعداء حقيقيين في مسالة فرض الاسم الآشوري على الكلدان، وبالعكس، فالآشوريون يُعيِّرون المتكلدنين، أنكم آشوريون سمَّتكم روما كلداناً، والكلدان يُعيِّرون المتأشورين أنكم كلدانٌ سمَّوكم الإنكليز آشوريين.

والحقيقة إن الآشوريين والكلدان الحاليين الجدد، في كل تاريخهم ووثائقهم، تبدأ سنتهم في الأول من تشرين الأول، وكلمة تشرين نفسها في قواميسهم ولغتهم السريانية، تعني البداية، وسنذكر وثائق نهاية المقال، منها جديدة، وعلماء العرب والمسلمين كانوا مستقلين، ولم يكونوا مسيحيين أو سرياناً، فكتبوا ما موجود في عصرهم من أعياد المسيحيين، ومنهم السريان النساطرة أي الآشوريون والكلدان الحاليون، فسمَّوها، أعياداً وسنيناً وشهوراً سريانية، فالبيروني الخوارزمي في القرن العاشر ذكر بوضوح تواريخ وأعياد المسيحيين الموجودة في زمنه، وأن السنة السريانية تبدأ في شهر تشرين الأول، علماً أنه ذكر أعياد شهر نيسان، لكنه لم يذكر وجود عيد اسمه أكيتو (الآثار الباقية عن القرون الخالية، ص70، 119-123، 255-288)، ويؤكد محمد بن عبد المنعم الحميري أن السنة السريانية تبدأ في تشرين أول، ويقول: يجمع الصابئة في مواقيت صومهم ومناسكهم بين الشهور الشمسية والقمرية، ويُسَمَّون الشهر الهلالي بما يتفق أن يقع فيه من شهور السريانيين، فيقولون: هلال تشرين الأول، هلال تشرين الثاني (الروض المعطار في خبر الأقطار، ص192).

إن أكيتو هو عيد سومري لاستسقاء المطر، وجزء من شعائره الموجهة للإله ننكال كانت مخصصة للشاذين جنسياً (راجحة خضر عباس النعيمي، أعياد حضارات وادي الرافدين، ص73)، ويبدو أنه كان مخصصاً لمدينة أور فقط، وأقدم ذكر لنواة معبد أكيتو هو في عهد أمار سين (2046-238 ق.م.)، ثالث ملوك سلالة أور الثالثة، ولا يُعرف معنى كلمة أكيتو ولا أصلها بالضبط إن كانت سومرية أو أكدية أو غريبة، كما اختلف توقيت شهر ويوم الاحتفال بأكيتو، ثم أخذ البابليون أكيتو ونظمُّوه بصلوات موجهة للإله مردوخ، بعدها غزا الملك الآشوري توكلتو ننورتا الأول 1208 ق.م. بابل وسرق تمثال مردوخ كغنيمة، واحتفل به إرضاءً للبابليين لبسط سيطرته عليهم، وليس تقديساً له، وانتهى ذكرالعيد قبل الميلاد، ولم يُحتفل به مطلقاً بعد الميلاد، لا من المسيحيين، ولا من غيرهم، وبعد قيام الإنكليز بتسمية السريان النساطرة، آشوريين، ونزوح العديد منهم في الحرب العالمية الأولى من إيران وتركيا إلى العراق الذي آواهم، خانوا العراق وتنكروا للجميل، وبدؤوا يطالبون بدولة آشور معتبرين أنفسهم زوراً سليلي الآشوريين القدماء، يساندهم قلة من الكلدان، وبتشجيع من الإنكليز بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور وفي 28 كانون الثاني 1918م أعطاهم الكابتن كريسي وعداً بإقامة كيان آشوري، وضعت نقاطه في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م، وحدث نزاع الآشوريين مع الدولة العراقية، انتهى بفشلهم سنة 1933م في سميل، ونُفي بطركهم إيشاي إلى أمريكا.

منذ خمسينيات القرن الماضي شكَّل السريان المتأشورون أحزباً سياسية كثيرة في أمريكا والمهجر، ولأن كل عمل سياسي مبني على خدعة، يحتاج لخُدع تعزز فكرته وموقفه مثل: علم، عيد، رموز، شعارات..إلخ، فقد غاصوا في بطون كتب تاريخ العراق، ووجدوا ضالتهم في عيد أكيتو، وسنة 1968 قرر حزب الاتحاد الآشوري العالمي AUA، في استراليا، ألاحتفال به باعتباره رأس السنة الآشورية، واحتفلوا به رسمياً لأول مرة سنة 1970م، لكن المتكلدنين لم يُعيروا له أهمية ويحتفلوا به في البداية، وبعد الاحتلال سنة 2003م، بدأ المتكلدنون أيضاً الاحتفال به نكاية بالمتأشورين، لكن باسم كلداني وبابلي، وبعد 2003م بدأ بطاركة الآشوريين توجيه رسالة تهنئة لرعيتهم في العيد، ناسينَ أنه عيد وثني ومن الصدف أنه مرتبط بكذبة نيسان، تبعهم سنة 2018م، بطرك الكلدان ساكو بتوجيه رسالة تهنئة لرعيته، وقد توقفوا سنتين عن توجيه رسالة عندما وجهت أنا لهم رسالة انتقاد سنة 2016م، لكنهم عادوا بتوجيه رسائل تحت ضغط المتعصبين الذين عيَّروهم بأنهم خضعوا لكاتب مثلي.

نتيجة لردة الفعل القوية من الكلدان والسريان برفض الاسم الآشوري الذي كان يُلمح به رجال دين الآشوريين دائماً، معتبرين الجميع آشوريين، فقد ابتدع بطرك المتأشورين هذه السنة مصطلحاً جديداً لدغدغة مشاعر المسيحيين وخداعهم، فشرح لهم تاريخ نينوى القديم عاصمة الآشوريين، المدني والديني، معتبرها عاصمته أمته المقبلة، وأن كل السريان والكلدان والآشوريين هم أبناء أمة نينوية واحدة، قائلاً: (واضح وجلي أن الآشوريين والكلدان والسريان أبناء أمّة نينوية واحدة، ويجب أن نتحد كأبناء وبنات أمة نينوية واحدة)، وبذلك اعتقد انه قد حلَّ المشكلة بتبديل اشوريين إلى نينويين، ولأن هذا البطرك وغيره من رجال الدين على شاكلته يخدعون شعبهم، وهم سياسيون بثوب ديني، ويرأسون كنيسة هي حزب سياسي، وليس كنيسة مسيحية، فهؤلاء جاهلون بتاريخ كنيستهم، فمع الاعتزاز بمدينة الموصل، نينوى العريقة، لكنها آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية حيث دخلتها في القرن السادس، وكانت نينوى إلى عصر دخول الإسلام قرية صغيرة فيها محلتان واحدة للفرس والثانية للجرامقة الآراميين، ثم بُنيت الموصل في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بالقرب من نينوى القديمة (مطران الكلدان أدي شير، التاريخ السعردي، ج2 ص308)، وأول ذكر لأسقف نينوى في تاريخ كنيسة من يُسمُّون أنفسهم اليوم كلداناً وآشوريين هو آحودامة في مجمع يوسف سنة 554م وكانت أسقفية نينوى تابعة لمطرانية حدياب، أربيل التي كانت مرتبتها في الكنيسة السريانية الشرقية (أي كنيسة الكلدان والآشوريين الحاليين)، هي السادسة حسب القانون 21 لمجمع إسحق 410م، وعندما أصبحت الموصل كبيرة بعد الإسلام، أصبح فيها مطران سنة 828م، لكنها بقيت تابعة لحدياب ولم تستقل كأبرشية إلى سنة 1188م، ومنذ القرن 16 بدأت أبرشية الموصل تظهر أكثر من أربيل عندما انفصل السريان الشرقيون عن النساطرة وشكلوا كنيسة باسم كلدانية، واتخذوا الموصل مقراً لهم في سنة 1830م، أمَّا الذين بقوا نساطرة وسَمَّاهم الإنكليز فيما بعد آشوريين، فوجودهم كان ضعيفاً جداً في الموصل إلى الأيام الأخيرة مقارنة مع وجودهم في الشمال بين الكورد، ويقول مطران الكلدان أدّي شير: عندما اكتسبت الموصل أهمية كبيرة، قُسمت أبرشية حدياب إلى قسمين، أربيل والموصل، واتحدتا فقيل أبرشية حدياب وأثور (تاريخ كلدو وأثور، ج2 المقدمة، ص15)، علماً أن الآباء السريان فرَّقوا بين نينوى والموصل، وأطلقوا اسم نينوى على المنطقة الكنسية المحيطة بالموصل، واسم الموصل أو أثور على مركز مدينة الموصل.
أما مقر بطركية المشرق التي ينتمي لها البطرك آوا صاحب بدعة الأمة النينوية، فلقبه الرسمي هو بطرك أو جاثليق ساليق وقطسيفون، كما يرد في التاريخ وعند انتخاب بطاركتهم إلى اليوم، وجاثليقية أو بطركية كنيسته تأسست في المدائن (ساليق وقطسيفون) سنة 310م وبقيت أربعة قرون حيث انتقلت إلى بغداد وبقيت خمسة قرون 780-1283م، وبسبب حرب المغول وغيرها انتقلت إلى مراغا جنوب أورميا في إيران ثم أربيل 1318م، وكرمليس قرب الموصل 1332م، والموصل بعد 1364م، وجزيرة ابن عمر- تركيا 1497م، ودير هرمز- ألقوش 1504م، ولفترات متقطعة، سلماس وخسرو آباد وأرومية- إيران، وقوجانس هكاري- تركيا، أربعة قرون 1600-1920م، وأمريكا 1933-2015م، والعراق 2015- الآن.

من الأمور الطريفة التي لا يعلمها هؤلاء الآراميون السريان، المتأشورون والمتكلدنون الحاليون، عن أكيت، أولاً: إن الآشوريون القدماء توقفوا عن الاحتفال بأكيتوا عدة مرات بسبب الثورات والضغط الآرامي تحديداً (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ج1 وادي الرافدين، ص464، راجحة النعيمي، أعياد حضارات وادي الرافدين، ص38-84)، ثانياً: المتأشورون الحاليون يعتبرون كل تاريخ العراق منذ الخليقة بملوكه ككلكامش ونرام سين وسرجون الأكدي وحمورابي الأموري ونمرود الحامي، وغيرهم، آشورياً، فسنتهم الآشورية لهذه السنة 2023م، هي (6773 آشورية)، أمَّا المتكلدنون الحاليون، فكل تاريخ العراق منذ الخليقة بنفس ملوكه المذكورين أعلاه يعتبرنه، كلدانياً، وسنتهم أطول (7323 بابلية او كلدانية)، وهذا مخالف للعلم، فالآشوريون القدماء أقوم أكدية نزحت من الصحراء العربية-السورية غرب الفرات، وسكنت جنوب العراق، ثم نزحوا حوالي سنة 2500 ق.م.، واحتلوا شماله الذي كان اسمه بلاد سوبارتو، ولم يبرز اسم الآشوريين بوضوح إلَّا بحدود 1500 ق.م.، وإلى آخر ملك آشوري 612 ق.م. كانت البلاد تُسَمَّى سوبارتو، أمَّا دولة الكلدان فعمرها 73 سنة فقط، ويقول طه باقر إن عمرها هو عصر نبوخذ نصر 43 سنة فقط، وما قبلها هو، بابلي، لا كلداني، والنبي دانيال هو الذي سمَّاها كسدانية وليس كلدانية، ثم سنة 280 ق.م. تغير الاسم في الترجمة السبعينية اليونانية إلى من كسديم إلى كلدانية، وحتى اسم بابل هو حديث منذ زمن حمورابي، وقبله كان اسمها (كا. دنكر. را.كي،Ka. Dingir. Ra. Ki). والحقيقة إن هذه السنين عبارة عن أساطير مثل كذبة نيسان، سواءً كانت منسوبة للعلم، أم للدين، فالأكثر طرافة وأهمية أن ما يقول هؤلاء البطاركة مخالف للكتاب المقدس الذي من المفروض أن يكونوا حراساً له، فحسب العهد القديم العبري الأصلي، إن عمر آدم على الأرض سنة 4004 ق.م.!.

لماذا يا أستاذ هنري لا تجامل السريان الضالين ؟
لماذا يا أستاذ هنري لا تجامل السريان الضالين ؟
هنري بدروس كيفا
منذ حوالي ١٧ سنة كنت في زيارة لمدينة ديترويت و كنت سألقي محاضرة على إخوتنا السريان . أجريت مقابلة مع الراديو الكلداني هنالك
للإعلام عن موعد و مكان المحاضرة .
و كان المستمعون يستطيعون أن يتصلوا و يبدوا رأيهم حول المواضيع
المطروحة … طلب مني الأخوة المسؤلون عن النادي الكلداني أن ألقي
محاضرة عندهم و الموضوع هو ” هل التسمية الكلدانية هي قومية أم
مذهبية ؟” …
خلال اللقاء على الهواء كنت أستخدم التسميات العلمية الأكادمية و هذا
مما أزعج بعض الأخوة من السريان الشرقيين المدعين بهوية أشورية غير علمية . ولم تتوقف الإتصالات حتى بعض إنتهاء البرنامج !
خرجت من الصالة و بعد ٧ دقائق طلب مني الأخ المسؤول أن أرد
على الهاتف على أحد الأخوة من السريان الضالين ! لم أعد أذكر أسمه
و طبعا هو غير مهم فكما تعلمون هنالك المئات مثله الذين يدعون عن
جهل بهوية أشورية غير علمية !
قال لي : هل تعلم إذا إتفقنا أنت و أنا فنحن نستطيع أن نوحد شعبنا !
قلت له : إنني باحث في التاريخ و لست سياسيا …
قاطعني : هل ممكن أن نلتقي و نتحدث معا ؟
أجبته : إنني مشغول و سوف أحضر للمحاضرة التي سألقيها …
قال لي : طيب هل ممكن أن نتكلم معا بضعة دقائق قبل المحاضرة لأنني
عندي أسئلة حول موضوعك !
أجبته مسرعا : أكيد سوف أكون في الصالة قبل الوقت المحدد و نستطيع
أن نتحدث أما أسئلتك فالأفضل أن تكون بعد إلقائي للمحاضرة و إنني
أرحب بكل سؤال !
بعض المفاجاءات قبل و بعد المحاضرة !
١ – السرياني الضال كان ينتظرني مع ثلاثة سريان ضالين مثله و قد
طلب مني رأسا ” أعطيني محاضرتك كي ألقي نظرة عليها…”
أجبته إنني لا أقرأ المحاضرة و لكنني ألقيها و أكتب رؤوس أقلام حول
الموضوع…
أجابني : يعني سوف تستخدم نفس التعابير كما جرى في الراديو ؟
الكلدان قد إنشقوا من الكنيسة و الشعب الأشوري و إنني أريد أن أعرف
جوابك على السؤال المطروح ” هل التسمية الكلدانية هي قومية أم
مذهبية ؟”
أجبته فورا : سوف تسمع جوابي بعد ساعة من خلال محاضرتي !
قاطعني صارخا : التسمية الكلدانية هي مذهبية و أريد جوابك الآن!!!
و هنا كان كاهن رعية السريان الكاثوليك قد شاهد حدة النقاش فأخذني
من يدي و قال لي : لا تتعب نفسك مع هؤلاء ….
٢ – خلال المحاضرة قام هؤلاء الأخوة الضالون بمقاطعتي و كانوا
جالسين في الصف الأول الأمامي : السرياني المثقف لا يحق له مقاطعة
المحاضر و إذا كان فعلا واثقا من نقده فهو يستطيع أن يسأل أمام الجميع
سؤاله أو يدلي بمعلوماته التي تخالف الأستاذ المحاضر !
لقد حاول هؤلاء الأخوة أن يشوهوا الموضوع المطروح من خلال أسئلتهم
السطحية التي تشير الى تعصبهم و جهلهم . الأخ السرياني الضال بعد
سؤاله الأول إذا به يطرح سؤالا ثانيا و يريد أن يطرح سؤالا ثالثا و قد
طلب منه المسؤول أن يسمح للأخرين أن يسألوا هم أيضا و كانوا حوالي
١٦٠ شخص !
أحدالحاضرين قال لي حرفيا ” ليس عندي أي سؤال و لكنني أريد فقط
أن أشكرك على رباطة جأشك و تحملك و صبرك !”
٣- بعد إنتهاء المحاضرة و الأسئلة العديدة أردت أن أذهب الى التواليت
و إذا بي أرى إبنة أختي تلحقني كي تحرسني و هي تنظر في كل الجهات و لم أفهم لماذا هي متخوفة ؟
أخيرا عرفت السبب : الأخ البطل السرياني الجاهل كان يراقبني بعد
خروجي من صالة المحاضرة و كان قد طلب من أحد الشباب المتواجدين
أن يقوم بضربي و لحظه التعيس كان ذلك الشاب إبن أختي الذي أجابه
” إن الأستاذ المحاضر هو خالي و لا يستحق الضرب و لكن الإحترام
لأنه متخصص في التأريخ و قد سمح لكم بطرح كل أسئلتكم و قد أجابكم
عليها!”.
٤ – المفاجأة الكبرى !
خلال الوليمة التي قدمها لي المسؤولون عن النادي قالوا لي ” إن الأخ
الذي تهجم عليك كان قد إتصل برئيس النادي- الذي كان متواجدا خارج
الولايات المتحدة – و قد حاول بكل الطرق إلغاء المحاضرة مدعيا بإنك
لست باحثا و إنك تقسم شعبنا !
بعد كل هذا الشرح أعتقد أن السريان الغيورين سيعرفون لماذا أنا بشكل
خاص و كل باحث نزيه لا يجامل كل أخ متطفل أو مدعي أو منافق في
الأمور التاريخية .
إنني أنتمي الى عائلة سريانية رهاوية و منذ صغري حلفت أن أتعمق في
تاريخ الرها مدينة أجدادي . لقد وجدت عددا كبيرا من الطروحات التاريخية الخاطئة حول الرها و قد صححتها و لكنني إكتشفت معلومات
عديدة و مهمة حول تاريخ السريان و هويتهم الآرامية .
لقد تعلمت- مع الوقت و الخبرة – بأنني إذا جاملت فئة من السريان الضالين فإنني سوف أضطر الى مجاملة كل سرياني يردد طروحات
تاريخية خاطئة !
المجاملة بكل بساطة تعني أن كل السنوات التي تعبت فيها في البحث
و التدقيق و التصحيح سوف تذهب هدرا !
المجاملة تعني بأنني لا أناضل من أجل هوية تاريخية علمية .
المجاملة تعني بأن لي مصالح ليس لها علاقة بالبحث العلمي الأكاديمي!
أخيرا سياسة المجاملة تعني لي بأنني أثق بالمثقفين السريان أو – لا سمح
الله – إنني أستطيع أن أجامل و أن لا أحد من السريان المثقفين سيلاحظ
بأنني أجامل !
إنني أفضل مئة مرة أن أصافح يد سرياني غيور مهتم بتاريخ أجداده
العلمي و لا يهمني أي سرياني مدعي يستخدم منصبه أو ماله أو فنه
للإدعاء بطروحات تاريخية خاطئة حول هويتنا السريانية الآرامية !
الصورة المرفقة
١ – كل من يرفع هذا العلم الآرامي هو أخي بالإنتماء الى شعبنا الآرامي العظيم !
٢- لا يهمني أن أعرف أسماء هؤلاء الشباب الغيورين و لكن المهم أن يعرف كل أخ سرياني أن كل من يرفع هذا العلم يؤمن بتاريخنا العلمي !
٣- من الرائع إن بعض السريان يرفعون علمنا في الصيف و البعض الآخر- كما في الصورة – في فصل الشتاء و في أعلى الجبال !
٤- هذا العلم هو في قلوبنا في كل فصول السنة ! إذا كانت أقلية من أبناء شعبنا يحملونه اليوم ففي السنين القادمة هذا العلم سيكون علم كل مسيحي ( جميع مسيحي الشرق ما عدا أخوتنا من الأرمن و الأقباط ) وأغلبية أخوتنا المسلمين الذين ينتمون مثلنا الى الآراميين !
أهمية نصب حدد يسعي الآرامي
أهمية نصب حدد يسعي الآرامي
هنري بدروس كيفا
لقد شاهدت نصب حدد يسعي أول مرة في معرض الإثارات السورية في معهد العالم العربي في باريس سنة ١٩٩٤ و كان هذا التمثال قد أصبح رمزا لذلك المعرض و كنت ترى في الباصات و لوحات الإعلانات صورة هذا التمثال الآرامي المهم.
طبعا زرت ذلك المعرض و لكنني خرجت منه بصدمة كبيرة لأنني كنت أحترم بعض السريان المهتمين خاصة باللغة السريانية الذين رددوا أمامي “أن المسؤولين السوريين يعتبرون السريان من الأشوريين !!! “.
كما يقال حبل الكذب و النفاق قصير !
لأن وزير الثقافة السورية قد ذكر أن سوريا هي آرامية بتاريخها و حضارتها القديمة !
الصدمة الثانية هي عندما زرت متحف دمشق منذ حوالي ١٣ سنة و شاهدت نصب حدد يسعي في غرفة مهملة و بدون أية شروحات حوله و ظننت – لوهلة – أن متحف دمشق لا يقدر أهمية هذا النصب الآرامي !
لقد وجدت منذ عدة أيام صورة جديدة لنصب حدد يسعي في صالة كبيرة في متحف دمشق فنشرتها في صفحتي و إنهالت الإعجابات العديدة ..و هذا مما شجعني لنشر هذا الموضوع المهم .
أولا – أين أكتشف هذا النصب؟
تم إكتشاف هذا النصب سنة ١٩٧٩ في تل الفاخرية بالقرب من راس العين و هي بلدة مشهورة بإنتمائها السرياني الآرامي منذ تاريخها القديم . راس العين هي تسمية سريانية و باللغة السريانية لهذه المنطقة التي إستوطنها الآراميون منذ حوالي ٣٢٠٠ سنة !
الأمانة للتاريخ هو واجب : لقد سكن شعب الميتني الهندو أوروبي هذه المنطقة التي تعرف بالجزيرة السورية اليوم. نهريما قد تكون أقدم تسمية أكادية نعرفها اليوم و لكن بعد إستيطان الآراميين و صهرهم لبقايا شعب الميتني و الحثيين صار إسمها ” بيث نهرين ” باللغة السريانية .
كما إن أسفار التوراة كانت تسميها ” آرام نهرين ” و لا شك لأنها كانت آرامية بهويتها و سكانها!
و هذا قديسنا إفرام ابن نصيبين يطلق تسمية الآراميين على جميع سكان هذه المنطقة !
أخيرا أن اللغة اليونانية قد أطلقت تسمية مسوبوتاميا على الجزيرة و قد أصبحت هذه التسمية في بداية القرن العشرين “مصطلحا” يقصد به العراق القديم.
ثانيا – من هو حدد يسعي ؟
أ-هو ملك آرامي حسب الكتابة الآرامية بينما النص الأكادي يذكر بأنه حاكم لمنطقة سيكاني!
المعلومات التاريخية حوله هي قليلة جدا و لكنها تسمح لنا أن نعرف أنه ابن”شمش نوري” ابن “أبي سلامو” ابن “كابارا” ابن “خاديانو” الملك الذي أسس مملكة بيت بخياني وعاصمتها جوزان في تل حلف في بداية القرن العاشر قبل الميلاد. إن أغلب المعلومات حول مملكة بيت بخياني أو بحياني مأخوذة من الكتابات الأكادية التي تركها ملوك أشور الذين كانوا يهاجمون الممالك الآرامية في بيت نهرين أي الجزيرة السورية اليوم و كانوا يفرضون الخوة على الآراميين:
من خلال تلك الكتابات تعرفنا على أسماء الملوك الآراميين الذين حكموا جوزان قبل خضوعها للأشوريين .
ب – ملاحظة مهمة:
خضوع الممالك الآرامية للحكم الأشوري لا يعني أبدا أن الأشوريين قد سكنوا في بيت نهرين!
و قد ثار الآراميون عدة مرات على الحكام الأشوريين و قتلوهم. و هذا مما دفع بملوك أشور بتعيين حكام آراميين في هذه المناطق الآرامية.
هنالك سؤال يطرح:
هل تعيين حدد يسعي الآرامي قد سهل خضوع الآراميين في جوزان للأشوريين؟
اليوم كم من الشخصيات السياسية و الدينية تتملق للحكام العرب ( نحن عرب أقحاح … الدماء العربية تجري في عروقنا … ) و لم تطالب بأية حقوق للسريان؟
ج – لقد وجد مؤخرا علماء الآثار الفرنسيين قطعة صغيرة من الخزف مكتوب عليها باللغة الآرامية “توكلتي شارو إبن حدد يسعي”.
لقد عرض متحف اللوفر هذه القطعة و قد علق المؤرخون المهتمون بتاريخنا الآرامي أن “توكلتي شارو” هو بدون شك إبن ” حدد يسعي ” الذي إكتشفنا تمثاله في جوزان !
إن إسم ” توكلتي شارو” هو باللغة الأكادية و هو يعني ” الملك هو مساعدي ” و لكنه إبن عائلة آرامية حكمت جوزان حوالي ٢٠٠ سنة !
إسمه الأكادي لا يعني بأنه أشوري أو إنه إنصهر بالحضارة الأشورية كما إدعى سيمو باربولا !
ثالثا – أهمية نصب حدد يسعي .
أ – على الصعيد التاريخي:
إنه من أهم و أقدم و أطول النصوص الآرامية المكتشفة في بيت نهرين التاريخية.
هذا النص قد سمح للعلماء أن يتعرفوا على أسماء ألهة الآراميين و على الكثير من عادات الآراميين فهنالك عشرات التماثيل الآرامية و لكنها بدون أية كتابات تشرح عنها !
ب – على الصعيد اللغوي:
هذه الكتابة الطويلة سمحت لعلماء اللغة الآرامية أن يتعرفوا أكثر على تطور اللغة و الأبجدية الآرامية: هذه الكتابة هي مهمة جدا لوجود ترجمة أكادية تسمح للعلماء من إجراء مقارنة بين اللغتين.
ج – هذا النصب يؤكد لنا ما نعرفه عن سياسة الأشوريين في تعيين حكام آراميين أو تثبيت ملوك آراميين في الحكم كما جرى مع ملك سمأل برركيب.
إكتشاف إسم “توكلتي شارو” إبن حدد يسعي يعني لنا أن هذا الحاكم سليل الملوك الآراميين قد أعطى لإبنه إسما أكاديا لمسايرة ملوك أشور!
كم من السياسيين اليوم لا يخجلون من الإدعاء بأنهم عرب فقط لتأمين مصالحهم !
أتمنى من سريان الجزيرة أن يتعرفوا أكثر على أهمية الإثارات الآرامية المكتشفة فيها و أن ( يتعرفوا ) و أن يعرفوا إن هذه هي إثارات أجدادهم الحقيقيين.
نحن لا نعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت بحدد يسعي الآرامي أن يتعامل مع الأشوريين المحتلين فهل تعامله كان من أجل مصلحته أم من أجل مصلحة الآراميين جميعا؟
نحن اليوم و بفضل مصادرنا السريانية الغنية نعلم أن جميع سكان بيت نهرين الجزيرة السورية اليوم ظلوا محافظين على هويتهم الآرامية و هذا واضح من أشهر قديس سرياني ولد و عاش في بيت نهرين أي مار إفرام السرياني الذي كان يسمي جميع سكان هذه المنطقة بالآراميين!
الأبوابُ المسدودة ؟!؟!؟!… والباب المسدود الدمشقي؟!؟!؟!….

الأبوابُ المسدودة ؟!؟!؟!… والباب المسدود الدمشقي؟!؟!؟!….

ريم رضا الشعار

مكرر للضرورة وسيكرر حتى انصاف التاريخ ورفع المظلومية عن أحد الأبواب المهمة لمعبد حدد.. الجامع الاموي اليوم .. والذي كان كنيسة بين تلك الحقبتين . مكان يتوسط المدينة القديمة يعبق بالسحر والروحانية العالية.. حيث شهد ثلاثة عصور الاغريقي والروماني والبيزنطي مؤخرا العصر الإسلامي.. لم يهدم ولم يبده زلزال..
———
إليكم المقال الأكاديمي..
الأبوابُ المسدودة ؟!؟!؟!… والباب المسدود الدمشقي؟!؟!؟!….
إطلالةٌ أركِيولوجِيّة إِﭘيغرافِيَّة مِنْ قَلْبِ دِمَشق….. فيها إفصاحٌ موجزٌ وبليــــــــــــــغ عن بعض العصور التاريخَيّة الشَّامِيَّةِ لأسلافنا السوريين؟!؟!؟!….
كُنْتُ في دمشق ذات يوم أتجوّلُ في محيط المسجد الجامع الأموي الكبير وَبِيدي آلة التصوير التي لا تبارِحُني في هكذا مشاوير، وطبعاً، كُنتُ ألتقطُ الصور لهذا المحيط الأثري بما يَلْفُتُ أنظاري كَمُهْتَمٍّ بالإرث السوري… إلى حين وصلتُ إلى الزقاق الذي يُحاذي المسجد من جهة الجنوب (واسمه القباقبية) . وطبعاً كنْتُ أُتابعُ، من جملة أشياء أخرى، ما بقي من السور المحيط بالمسجد الجامع. وإذا بي يسْتَوْقِفُنِي ما أثــار انتباهي وحَمَلَني بذاكرتي المعرفية فوراً إلى الباب المسدود في حمص القديمة، (وأنا أحد سكان حمص)، وأيضاً إلى الباب المسدود (أو الباب الذهبي) في الجهة الشرقية من سور مدينة القدس؟!.
أَجل يا أحِبَتي استوقفَني بابٌ مسدودٌ آخَـــرْ فعلاً…. وما لَفَتَ اهتمامي الشديد، كوني مهتم بعلم الإﭘيغرافيا، هو نقشٌ يوناني مُضاف على عتبة الباب….. وهنا حَطَّنا الجَمّال يا أحبَّتي.
هذا الباب المسدود يروي لنا بكلِّ جلاء ووضوح وموثوقية ثلاثة عصور مَرَّت بها دمشق وهي تحديداً وبالترتيب الزماني: العصر الإغريقي- الروماني، فالعصر البيزنطي ثم أخيراً العصر الأموي. فكيف نقرأ هذه التتابعية؟
الباب المسدود، قبل سَدِّهِ وقبل أن يضاف النقش اليوناني المسيحي على عتبته، كان أحد أبواب هيكل أو معبد الإله جوﭘيتر كبير آلهة الـﭘـانثيون (أي مجمَّع الأرباب) الروماني والذي سبقه زمانياً زيوس اليوناني. كان ذلك في الفترة الرومانية أي منذ نحو 64 قبل الميلاد إلى بدايات القرن الرابع بعد الميلاد. ثم إنّه، بعد بدء انتشار المسيحية زمن الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الكبير وتحديداً بعد مرسوم ميلان الشهير عام313 م، تَمَّ تحويل معبد جوﭘيتر إلى الكنيسة الكبرى في دمشق، وتَمّتْ إضافة النقش اليوناني الذي أنقُلُ إليكم أَحِبَّتي قراءتي وترجمتي له. وبقي المكان مستخدماً ككنيسة كاتدرائية إلى حين قدوم بني أمية وبقي كذلك إلى أن تم الاتفاق على تحويلِه إلى مسجد كبير في عصر أحد خلفاء بني أمية اللاحقين، فتَمّتْ عملية سد الباب لسبب معماري وهو أن هذا الباب يصادف موقعه جهة القبلة في الجدار الداخلي الجنوبي لبناء المسجد إياه، فلَم يَكُ هناك بُدّاً من سَدِّه لزومياً.
ويمكننا الإيجاز كما يلي:
الإنشاء الأساسي للسور والباب يحكي لنا عن الدور الروماني….والنقش اليوناني يحكي لنا عن الدور البيزنطي….. وأخيراً عملية السَّد عن الدور الأموي. وأخيراً إليكم ترجمتي للنقش اليوناني الذي تشوبُهُ بعضُ الأخطاء التي قُمْتُ بتصويبها…:
الترجمة:
“مُلْكُكَ >أيها المسيح< مُلْكُ كُلِّ الدهـــور وسُلطانُكَ في كُلِّ جيلٍ فَجيـــلْ.”
والنقش مقْتَبَسٌ عن المزمور 145:13 .
(أرفِقُ صورة من Google Earth للمسجد الأموي ومحيطه، ويظهر زقاق القباقبية في أسفل الجامع (جهة الجنوب).
—————
شكرا لضميرك الحي
” من هم السريان ” Syrian ” في هذا النص ؟ “

” من هم السريان ” Syrian ” في هذا النص ؟ “

هنري بدروس كيفا
رد على السيد المحترم Rabi Gabriel
شكرا لتعليقك ” ليش ما سموا اراميا بدل سوريا ؟؟؟؟؟”
فهو إن دل على شيئ مفيد هو جهلك التام للتسمية الآرامية . إنني أعلم جيدا إنك لن تقتنع و لا تبحث عن هويتنا الحقيقية و لكنني سأنشر ردا قديما
قد يفيد من يريد أن يتعرف على هوية السريان الحقيقية :
” ذا كانت التسمية السريانية تعني الآشوريين وذلك فقط عند اليونان في القرن الخامس ق.م. , فإنها لم تعد صحيحة بعد إستلاء اليونان على الشرق , وخاصة بعدما أصبح لتسمية سوريا معنى جغرافياً وفيما بعد معنى قومياً. كيف نستطيع أن نفسر هذا النص الذي كتبه كسنوفون (14) المؤرخ اليوناني الشهير ” ولكن ملك آشور بعد أن أخضع السريان وهم أمة محترمة ” .
من هم السريان ” Syrian ” في هذا النص ؟
لقد أمضيت أشهر طويلة وأنا أبحث عن الجواب لأهميته البالغة في دراستي التي أعدها عن الشعب السرياني – الآرامي . وقد عثرت على عدة أدلة تثبت بأن المقصود بالسريان هو الشعب الآرامي . ويقول سترابون (15) الجغرافي اليوناني ( القرن الميلادي الأول قبل المسيح) :
” يقول لنا أيضاً بوسيدونيس إن هؤلاء الذين أطلق عليهم اليونان إسم السريان ” Syrian ” فإنهم يطلقون على أنفسهم إسم الآراميين ” .
لا بل إننا نرى في الترجمة اليونانية للعهد القديم , بأن تسمية بلاد آرام تترجم إلى بلاد سوريا ودائما كان يترجم الشعب الآرامي إلى الشعب السرياني . لا يستطيع أحد أن يدعي بأن ” حداد عدري ” ملك آرام كان آشورياً وبالتالي لا أحد يستطيع أن ينكر بأن تسمية السريان قد أصبحت مرادفة للآراميين .
المؤرخ فلافيوس جوزيف (16) , في كتابه الشهير عن اليهود كان يستعمل التسمية الآشورية ليعني بها الأمة الآشورية القديمة , وكان يستعمل التسمية السريانية ليقصد بها الآرامية كقوله : كان لسام أحد أبناء نوح خمسة أبناء : آشور وهو الثاني وقد بنى مدينة نينوى وأعطى إسم الآشوريين (أسيريان) لأتباعه الذين كانوا أغنياء وأقوياء جداً … ومن آرام وهو الرابع يتحدر الآراميون الذين يطلق عليهم اليونان إسم سريان ” .
إن علم التاريخ , في الحقيقة , كعلم قائم بذاته أسوة بالعلوم الأخرى التي تبحث عن الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة , ولا يعتمد تسلسل الشعوب , حسب ما ورد في التوراة عن سام بن نوح , لأن التوراة في تفسيرها , قد تقصد بها إضفاء نوع من الترابط والتقارب بين الشعوب المتعددة , إذ ليس من المنطق في شيء أن يكون آشور أخاً لآرام , بينما هناك حقبة طويلة من الزمن بين التاريخ الآشوري والتاريخ الآرامي .
-7-
إذاً لا وجود لرابط بين الشعبين الآشوري والآرامي سوى رابط الشعوب السامية فقط وقد أوردت هذا البرهان كي يتأكد القارئ بأن إسم السريان أصبح مرادفاً لإسم آرام .
وإنطلاقاً من أصول وقواعد التاريخ الثابتة أحببت أن أُعرّف ما كان يقوله أجدادنا عن أنفسهم وعن لغتهم .
هل كانوا يقولون عنها سريانية – آرامية أم آشورية ؟
يقول مار يعقوب السروجي (17) ( توفي عام 521 م ) في تقريظة لمار أفرام :
“هذا الذي أضحى إكليلاً للأمة الآرامية جمعاء وبه نالت محاسن روحية ” .
ورد في إحدى كتابات ” مار فيلوكسينوس المنبجي ” ( توفي عام 523 م ) :
” إن تعبر إختلاط , إمتزاج , يوجد في معظم كتب آبائنا إن كان عند الآراميين أو عند اليونان ” .
كذلك عند مار يعقوب مطران الرها (19) (توفي في أوائل القرن الثامن الميلادي).
يقول في أحد الميامر : ” وهكذا عندنا نحن الآراميين أو السريان “.
كذلك نجد في تاريخ مار ديونوسيوس التلمحري (20) (توفي في القرن التاسع الميلادي ) :
ومنذ ذلك الوقت بدأ أبناء هاجر ( العرب ) يستعبدون الآراميين استعباداً مصرياً .
ومن المعلوم أن العرب قد دخلوا بلادنا في القرن السابع الميلادي , تُرى لماذا مار ديونوسيوس يُسمّي سكان سوريا بالآراميين ؟
هل لأنهم آشوريون أم بكل بساطة لأنهم آراميون ؟ !
ولعل أفضل دليل على ذلك هو ما كتبه المؤرخ مار مخايل الكبير (توفي سنة 1199م ) في ملحق خاص ضمن تاريخه يرد فيه على اليونان الذين كانوا يعيّرون السريان بقولهم ” لم يخرج ملك من شعبكم ” .
كتب مار مخائيل (21) :بمساعدة من الله سوف نذكر أخبار الممالك التي أُقيمت في القديم , بفضل أمتنا الآرامية, أي أبناء آرام , الذين أطلقت عليهم تسمية سريان ” أو ” سكان سوريان … ” .
بالطبع القارئ المدقق يستطيع أن يتحقق من صحة هذه المعلومات وما عليه إلا أن يفتح صفحة كل كتاب ورد ذكره في بحثي هذا .
لقد ذُكرت سابقاً أن النصوص الآرامية التي وجدت في سفيرة قرب حلب قد استعملت التسميات التالية : آرام العليا (حلب) آرام السفلى ( دمشق ) وكل آرام أي كل بلاد رام . ومن المعلوم أن المؤرخين اليونان كانوا يستعملون ” سوريا كولن ” مما دعا عدداً من المؤرخين (22) أن يرى في ” كولن ” اليونانية الأسم الآرامي القديم . ولقد وردت هذه التسميات مرات عدة في تاريخ فلافيوس جوزيف وذلك في حديثة عن السريان الآراميين ( وليس الآشوريين ) .
” كان لآرام أربعة أولاد أحدهم عوض وهو البكر … بنى مدينة دمشق الواقعة بين فلسطين وسوريا الملقبة بكولن (23) ” .وفي مكان أخر يستعمل تسمية سوريا السفلى وسوريا العليا (24) . أليس هذا دليلاً على أن إسم سوريا قد أصبح مرادفاً بلاد آرام ؟ .”
——————————————–
صباح الخير / بريخ صفرو
١- في كل يوم و مع كل فنجان قهوة ” نحن سريان آراميون “
٢-تحية من القلب الى كل الأخوة المهتمين الذين يشجعونني في تصحيح كل طرح تاريخي خاطئ …
٣- الملك حزائيل ٨٤٣ – ٨٠٣ ق٠م لم يشرب القهوة و العالم يعقوب الرهاوي من القرن الثامن الميلادي هو أيضا لم يشرب القهوة و لكنهما آراميان مثل أكثرية مسيحي شرقنا و نسبة كبيرة من أخوتنا المسلمين .
٤- إنني أحب كل سرياني أصيل و حتى السرياني الذي يدعي بأنه ” أشوري ” أو إسباني…و لكن المحبة لا تعني بأنني سأقبل كل طرح تاريخي خاطئ .
٥- نحن سريان آراميون إن شربنا القهوة و سنبقى سريان آراميين و إن تشربنا في صغرنا طروحات تاريخية خاطئة !
ملاحظة مهمة جدا : ربما القارئ لا يعرف أن سوريا القديمة كانت بأكثريتها
الساحقة آرامية بين حكم الملك حزائيل ٨٤٣- ٨٠٣ ق٠م و بين العالم يعقوب الرهاوي ٦٣٣-٧٠٨ م أي أكثر من ١٥٠٠ سنة !
مع كل فنجان قهوة يجب أن تتذكر :
* العالم يعقوب الرهاوي يؤكد ” نحن السريان أي الآراميون “!
* كل العلماء السريان من مار افرام الى ابن العبري قد أكدوا أن
هويتنا هي آرامية !
*صحيح أن الفكر الأشوري المبني على طروحات تاريخية كاذبة
و لكن تاريخنا العلمي هو الذي يصحح تلك الطروحات !
*طوبى لكل رجل دين سرياني يؤمن بتاريخنا العلمي لأنه – بكل تأكيد-
سيفتخر بهويتنا الآرامية !
* للأسف بعض رجال الدين لا يزالون يؤيدون الفكر الأثوري المزيف
و يتلاعبون في تفسير التسمية السريانية : عاجلا أم أجلا السرياني
المثقف سيرى تخاذلهم و تفسيراتهم الكاذبة .
*لا شك إن العالم يعقوب الرهاوي قد عاش حياته في ظل الإحتلال
العربي لمواطن أجدادنا و لكن العرب ظلوا أقلية عددية في شرقنا
حتى القرن الثالث عشر الميلادي !
توضيح مهم 😍😍😍
١- إنني أكدت أننا سريان آراميون و هذه حقيقة تاريخية مبرهنة .
٢- لكنني مع فنجان القهوة قد أكدت حرفيا ” العالم يعقوب الرهاوي يؤكد ” نحن السريان أي الآراميون “! بينما هو كتب باللغة السريانية :
ܗܘ ܗܟܘܬ ܐܦ ܚܢܢ ܐܪ̈ܡܝܐ ܐܘܟܝܬ ܣܘܪ̈ܝܝܐ
أي ” و هكذا عننا نحن الآراميون اي السريان “
٣- إنني إرتكبت هفوة صغيرة و لكنني صححتها و للأسف أغلبية الكتاب
المغامرين لا يتحققون و لا يصححون من مفاهيمهم الخاطئة .
رحلة الأب زهري الأخيرة غسان الشامي
رحلة الأب زهري الأخيرة     غسان الشامي
28 نوفمبر 2022 
يغادر الأب زهري خزعل تاركاً خلفه طيفاً من شيحٍ وريحان وبارود.
يرحل مُودِعاً ابتسامته وتقطيبة حاجبيه وعباءته وشماغه واسترسال لحيته ذاكرة كثيرين .
يمضي وقد زرع صليبه والتماع عينيه شهباً في تراب القريتين التي تبعد 85 كم عن حمص وتعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد .
زهري خزعل مثال لرجل الدين الذي لا يقف على الرصيف ، أو في الهيكل مكتفياً بالصلاة حين يطعن الوطن ويسبى الأهل، لا بل يحمل آياته وأيقونته وتراتيله ويشتري سيفاً أو بندقية ويثبت في مستنقع الموت قدميه دفاعاً عن أرضه وكرامته وأجداث أهله.
لم يتردد الأب زهري في مجابهة التدعيش الذي احتل بلدته وشرد أهله وخطفهم ، وكان من الشجاعة بمكان أن لحق أقاربه حتى الرقة وخلّصهم من القهر الداعشي.
في الطريق إلى القريتين ، وكانت داعش قد غادرتها للتو ورابطت قذاراتها على تخومها، حكينا كثيراً عن البلدة التي بدأ السريان بمغادرتها منذ القرن الخامس عشر هرباً من التصحر الطبيعي والبشري تاركين مار اليان الشيخ نهبة للجنون التعصبي وشفيعاً لمجانين الأعراب ، وما أن وصلنا حتى اكتشف أن أحد العائدين إلى البلدة ، على قلّتهم، من بقايا دواعشها متلطياً بمصالحات لم تثبت صدقيتها إلاّ قليلا.
لقد عرفت أنه لن يكون بعد اليوم للسريان المسيحيين في عمق هذه البادية السورية دور الحضور والريادة وأن يبقوا مصدّ التصحر هناك، وذلك من عاملين هما: زيارتي مع الأب زهري إلى مقبرة أهله، حيث فلحها “التنويريون الدواعر” وبالكاد دَلّني على بقايا شواهد وقبور أمه وأبيه وأهله. والثانية ما فعلوه بمار اليان الشيخ وتدمير ناووسه ، ومن تولي كاهن كان فيه العمل بمعكوس ما فعله الأب زهري من مقاومة وبقاء، فساهم بهجرة أبناء طائفته.
ذات مرة ، كنت في حمص مع العزيز نابل العبدالله وقائد القوى السهلية الروسية العماد ألكسندر سالمين، حيث قلت له :قم لترى أمك.
قال لي من أمي ؟! ، قلت له مريم العذراء فنحن على بعد خطوات من زنّارها، وكان الخوري خزعل كاهن كنيسة العذراء ” أم الزنار” دليله إلى دمعة إيمان ما يزال يرافقه، كما ترافقنا مؤخراً إلى قلعة الحصن وفي تدشين مقام زنار العذراء، وكان ممسكاً بتلابيب آلامه..ضاحكاً مازحاً مستقبلاً الناس ومقبلاً إلى الحياة.. لكن مرضه كان أقوى.
حزنت لأنني كنت مسافراً حين قصد لبنان في طريقه إلى العلاج في الهند فلم أقم بواجبه..لأن الاحتفال بهذا الرجل متعة ومودة فهو ثرُّ الحكايات عن بلده من العنب القرواني إلى العلاقات مع البادية وأهلها.
لقد سجّل خزعل ما كان يريد أن يبوح به، أتركه للعائلة التي نحب، تنشره وقتما تشاء، وأعزّي مع فاديا السيدة سوسن والعائلة ونيافة المطران الصديق متى الخوري وكهنة الأبرشية وجميع من أحبوه ووثقوا به..وكان أهلاً للثقة ، ولمن يريد معرفته أكثر عليه بحلقة ” أجراس المشرق” من القريتين.
أبونا زهري..لك الذكرى التي لا تنتهي بمأتم.
غسان الشامي
في قلعة الحصن مع نيافة المطران متى الخوري
في كاتدرائية أم الزنار حمص مع العماد سالمين ونابل العبدالله وتبدو آثار الحريق
سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

سورما خانم ومشكلة التأشور في تاريخ العراق- ج١

تُعدُّ الآنسة سورما إيشاي (1883–1975م) شخصية مهمة لعبت دوراً رئيساً في تاريخ العراق، وقامت بدور ديني ومدني وعشائري وسياسي وعسكري أدى إلى أخيراً إلى أحداث سميل 1933م، التي على أثرها نُفيت مع ابن أخيها البطرك شمعون أيشاي وآخرين خارج العراق، كما لعبت دوراً مهماً بتعزيز الاسم الآشوري المخترع حديثاً من الإنكليز للسريان النساطرة، وأبرزت قضية الآشوريين سياسياً دولياً.

ولدت سورما في قوجانس-هكاري/ تركيا سنة 1883م، وهي الأخت الكبرى لبطركي النساطرة شمعون 19 بنيامين إيشاي (1903–1918م)، وشمعون 20 بولس إيشاي (1918–1920م)، وعمة البطرك شمعون 21 إيشاي داود إيشاي (1920–1975م)، (ملاحظة: اسم شمعون يعني بطرس، وهو لقب كنسي يسبق كل اسم بطرك)، وسورما هي من عائلة أبونا التي استحوذت على البطركية النسطورية منذ سنة 1318-1976م وجعلتها وراثية في عائلتها، وسَبَبَ نظام الوراثة مشاكل حيث تم رسامة بطاركة ومطارنة أطفال لمحدودية العدد في عائلة أبونا، ورفض نظام الوراثة كثيرون من النساطرة وأخيراً أدت هذه المشاكل إلى انفصال أكثر من نصف النساطرة سنة 1553م وانتمائهم لكنيسة روما الكاثوليكية، وهي بداية الكثلكة في العراق، وهؤلاء المتكثلكين هم الذين أطلقت عليهم روما اسم الكلدان، وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز1830م، بينما سَمَّى رئيس أساقفة كانتربري الإنكليزي سنة 1876م الطرف النسطوري الآخر، آشوريين.

تتلمذت سورما على يد الراهب الإنكليزي بروان الذي أرسله رئيس أساقفة كانتربري الذي سَمَّى النساطرة آشوريين لمساعدة السريان النساطرة، وعاش براون بين النساطرة في قوجانس قرب البطرك قرابة 25 سنة حتى وفاته في 14 أيلول 1910م، وكان صديقاً ومستشاراً للبطركين النسطوريين روبين بنيامين (1861-1903م)، وبنيامين إيشاي (1903–1918م) أخو سورما، وعاش بروان عيشة متواضعة نسكية، فكان يلبس ملابسهم ويأكل طعامهم وينام مفترشاً الأرض مثلهم، وبدا كأنه راهب من العصور الوسطى يعيش في القرن التاسع عشر، وأصبح عندهم كرئيس عشيرة يجتمعون إليه لحل مشاكلهم وخلافاتهم الدينية والدنيوية، ولاحظ براون أن النساطرة متمسكون بتقاليدهم الدينية والعشائرية، لذلك كان يُسايرهم في تفكيرهم، ويبشرهم بهدوء، ويحثهم على الابتعاد عن التقاليد الغربية والتمسك بالعادات والتقاليد الخاصة بهم بغية كسب تعاطفهم، ولم يضغط عليهم بترك مذهبهم النسطوري واعتناق مذهب الأنكليكان أسوةً بالمبشرين البروتستانت بقدر تركيزه على المسائل القومية وترك التسمية النسطورية مستعملاً معهم التسمية الآشورية، وقام براون بجهود كبيرة في تعليم الصغار القراءة والكتابة والمبادئ الدينية، وكان من طلابه كثير من أقارب البطرك روبين بنيامين من ضمنهم أبناء أخوته كالآنسة سورما إيشاي وأخوها بنيامين (البطرك بعدئذ)، ولإعجابه بشخصية سورما أطلق عليها لقب “السيدة، Lady”، وبناءً على ذلك سَمَّى الساسة الإنكليز سورما لاحقاً، “الأميرة الأثورية”. (Reed, G. S, edition by J.M. Hornus, La mission de L’Archevêque de Cantorbery aupres des Assyriens, Cahiers d’etudes chretiennes orientales 6, 1967 جورج ريد، بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين، ص20–21. نشره المختص بتاريخ الشرق المؤرخ ميشيل هورنس+1982م، الدراسات المسيحية الشرقية 6، باريس 1967م).

 

وصل البطرك بنيامين إيشاي أخو سورما إلى البطركية في 30 آذار 1903م وكان عمره بحدود ست عشرة سنة، ثم اغتيل سنة 1918م على يد إسماعيل آغا سامكوا الكوردي، فخلَفه شقيقه بولس إيشاي وكان مريضاً بالسل يعيش في مخيم بعقوبة للاجئين في فأرسله الطبيب وليم يكرام الملقب بابي الآشوريين الجدد، ومساندهم القوي والمروج لاسمهم الآشوري إلى دير مار متى للسريان الأرثوذكس للنقاهة في صيف 1919م، وعاد وتوفي في المخيم سنة 1920م، فخلَفه ابن أخيه وأخو سورما البطرك إيشاي داود إيشاي، وكان هذا طفلاً صغيراً لم يتجاوز عمره اثنتي عشرة سنة (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما وصية عليه وتعزز دورها أكثر، وأصبحت لها مكانة مهمة في اتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، ومن طريف الأمور أنه أثناء رسامة أيشاي وهو في سن الثانية عشرة، قال شهود عيان إنه كان ينظر من الشباك بحسرة إلى زملائه الذين يلعبون خارجاً، وهاري جارلس الذي زار الموصل سنة 1925م وكتب كتاب “الموصل وأقلياتها”، تحدث عن الكنيسة النسطورية، وبدأ الفصل الخامس بعبارة طريفة، فيقول: لنترك بطرك النساطرة يلعب كرة قدم مع زملائه الأولاد في ساحة على مشارف الموصل، لكي نفهم كيف يمكن لفتى لاجئ من جبال هكاري عمره ستة عشرة سنة نراه رئيس واحدة من أقدم الكنائس المسيحية (هاري جارلس، الموصل وأقليتها، ص56 ،1925م Harry Charles Luke, Mosul and its minorities, London ). (وهذا هو البطرك المار شمعون المذكور في خطاب عبد السلام عارف 14 تموز).

كانت سورما خانم قد نذرت نفسها للبتولية وتربت على يد المرسلين الأنكليكان خاصة الراهب براون منذ نعومة أظفارها، وكانت ذكية ومثقفة جداً، تقرأ لمشاهير الكتاب الإنكليز أمثال سكوت وستفنسن وغيرهما، ملمَّة بالمسائل الدينية ولاسيما اللاهوت الأنكليكاني، ذات شخصية حازمة وقوية، شديدة الشكيمة، صلبة الإرادة، بليغة الكلام والخطابة، متقنة للغة الإنكليزية بشكل مطلق، ولتمتعها بهذه المزايا وصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية الشهيرة شميرام، واستطاعت سورما أن تتميز وتتولى إدارة شؤون النساطرة من الناحية العملية زمناً طويلاً، فسافرت إلى عدة دول مثل سويسرا وإنكلترا وأمريكا وإيران وغيرها، وخاطبت وحضرت مؤتمرات مثل مؤتمر الصلح في باريس سنة 1918م، ومؤتمر عصبة الأمم المتحدة في جنيف سنة 1925م لعرض قضية الآشوريين على المحافل الدولية، وذهبت إلى إنكلترا بين سنتي (1919–1920م)، وحلت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا، والتقت بعدة مسؤولين، وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني بخصوص القضية الآشورية، كما حضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، وكان أسلوبها وخطابها بالإنكليزية مؤثراً جداً يجذب انتباه وإعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كانتربري راندال توماس دافيدسن Randall Tomas Davidson (1903–1928م) في كانون الثاني 1919م مخاطباً المسؤولين الإنكليز بخصوص المسألة الآشورية قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وفي مدة زيارتها لإنكلترا اهتم بها الإعلام الإنكليزي كثيراً، وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو آشور، وفي مدة وجودها في لندن في نيسان سنة 1920م ألَّفت كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون)، قدَّمت وشرحت فيه تاريخ الكنيسة النسطورية وطقوسها، والمأساة التي يعانيها شعبها، واغتيال أخيها البطرك بنيامين إيشاي، وعَدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريون، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كانتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press في لندن، واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير خاصة دافيدسن الذي عَدَّ الكتاب وثيقة مفيدة للتعريف بالكنيسة الآشورية للجماهير البريطانية، ووصف دافيدسين سورما خانم بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، ص172–173. الكتاب 114 صفحة، أعيد طبعه 100 صفحة، Vehicle، نيويورك 1983م)، وفي 3 كانون الثاني 1966م عندما كانت سورما منفية في أمريكا منحها رئيس أساقفة كانتربري آرثر ميشيل رامسي Michael Ramsey (1961–1974م) وسام “صليب القديس أوغسطين” تثميناً لمكانتها وصداقتها.

بعد أن أطلق الإنكليز اسم الآشوريين على النساطرة، أطلق المبشر ويكرام على الآنسة سورما إيشاي لقب الخانم (ويكرام، مهد البشرية، ص356)، أسوةً بلقب lady الذي أطلقه الراهب براون عليها، وأيد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناء على طلب زوجته ماري من تيك (1867–1953م)، وكلمة خانم تركية معناها السيدة ذات السيادة المطلقة، وعندما عُيَّن الكولونيل الإنكليزي جيرارد ليجمان حاكماً لمدينة الموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: عجيب أمركم يا أهل الموصل، إنكم لا تعرفون أصلكم، فانتم من أصول الأثوريين، فرد عليه أهل الموصل: وما معنى هذه الكلمة (أثوريين)، فقال ليجمان: إنني مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم، بكونكم أحفاداً للأثوريين الجبابرة الذين شيدوا مجد نينوى، عجيب غفلتم وجهلكم بتاريخكم القومي، فأنتم أحفاد الأثوريين والكلدان، فردَّ عليه أهل الموصل نحن العرب الذين تغنيتم أنتم بفلاسفتنا وشعرائنا وتراثنا، فقال ليجمان: لا، لا، أنتم أثوريون، فرد أهل الموصل: والله العظيم نحن عرب أبناء الخزرجين والأزديين وبني تميم وتغلب وقيس والمضريين والحمدانيين، أصحاب السيف والقلم، وبنو عقيل ومنا الأعشى التغلبي وأبو نواس وأبو فراس، ومنذ زمن عصر الفتوحات الإسلامية لم نجد في الموصل إلاَّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، فقال ليجمان: شئتم أم أبيتم أنتم أثوريون، وانتم جهلة حمير لا تعرفون تاريخكم، نحن نفهم أكثر منكم، فرد أهل الموصل: اللهم حسبنا كل حساب، إلاَّ هذا الذي أتانا آخر يوم، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بنشر أخبار البلاد، أن تُطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الأثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن الوعد الذي قطعه الإنكليز لمواطنيها بإنشاء وطن قومي للأثوريين الكلدانيين في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وكان مسيحياً كلدانياً، وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وهؤلاء هم أكراد نساطرة، وأنهم ليسوا من الأثورية الكلدانية بشيء، وغالبية أهل الموصل يَعدُّونهم أكراداً مسيحيين، وكانوا دائماً ينظرون إليهم بشيء من الاحتقار، لذلك طرح هذا الاسم سوف يشكل شقاقاً بين أهل الموصل من المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصر على ذلك (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص232-237).

وبتاريخ 5 حزيران سنة 1926م منحت الحكومة البريطانية سورما خانم وسام الفروسية البريطانية (Order of the British Empire) المعروف اختصاراً (OBE) مع عدة ألقاب فخرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها منح هذا الوسام لامرأة، وتم تقليد سورما هذا الوسام في مدينة الموصل في 3 شباط سنة 1929م.
وشكراً/ موفق نيسكو- يتبع ج٢

كتاب صراع القيم (أشعار مار أفرام السرياني)

صراع القيم (أشعار مار أفرام السرياني)

صراع القيم في الملاحمة الكبرى

https://drive.google.com/file/d/1SXihMfbxUSpd5kS5L7K1j7QjEyX5ayc2/view

https://www.facebook.com/groups/747607792980908/permalink/835275304214156/

https://drive.google.com/file/d/1SXihMfbxUSpd5kS5L7K1j7QjEyX5ayc2/view

 

علمنا الآرامي يشير الى هويتنا و تاريخنا و لغتنا الأم !

علمنا الآرامي يشير الى هويتنا و تاريخنا و لغتنا الأم !

Henri Bedros Kifa

علمنا الآرامي يشير الى هويتنا و تاريخنا و لغتنا الأم !
هنري بدروس كيفا
من أجمل و أروع الذكريات لزيارتي لروما في كانون الأول ٢٠٢٢ !
١- كان إبني يمزح معنا قائلا ” إن الطقس سيكون باردا و ممطرا في روما ” و لكنني أنا و زوجتي قررنا أن نستفيد من هذه العطلة كي نزور روما و لو تحت المطر !
٢- لقد خصصنا يوما لزيارة الفاتيكان و كانت مفاجأة كبرى لنا أن نرى الكنائس الكبيرة و المعالم الأثرية الجميلة و لكن أجمل ذكرياتي هو لقائي مع شرطي و شرطية من البوليس الإيطالي و أسئلتهم عن : العلم الآرامي و من هم الآراميون و هل اللغة الآرامية لا تزال محكية ؟
٣- عندما إقتربنا من كنيسة مار بطرس قالت لي زوجتي ” ليتك جلبت معك العلم الآرامي كي أصورك ” و هنا ضحكت و أخرجت العلم من جيبي و قلت لها ” إنه – كما تعلمين – دائما معي !” و بدأت زوجتي تأخذ الصور لي تحت المطر … إقتربت منا سيارة للشرطة الإيطالية و توقفت على بعد ثلاثة أمتار منا و قالت لي زوجتي إنهم يحدقون بنا و ربما ممنوع أن نتصور مع العلم
و قلت لها ” لا أعتقد إنه ممنوع …”
٤- الشرطية التي تقود السيارة أنزلت شباك باب السيارة و أشارت بإصبعها لي و أسرعت زوجتي في القول ” قلت لك إنه ممنوع !” و إقتربت من باب السيارة حائرا ( ربما زوجتي معها حق ) لأرى ماذا تريد منا الشرطة ؟
سألتني الشرطية باللغة الإنكليزية ” ما هو هذا العلم و لأي بلد ؟ “
لقد عرفت من طريقة السؤال أن هذه الشرطية تريد أن تستعلم فأجبتها ” إنه علمنا الآرامي و هو يرمز الى شعبنا التاريخي “
سألتني الشرطية ” أين مواطن الآراميين ؟ ” فأجبتها بسرعة ” الآراميون يعيشون في الشرق أي في بلاد العراق و سوريا و لبنان و الأردن و فلسطين ” ثم أكدت لها : إن جميع المسيحيين في “الشرق” يتحدرون من الآراميين و هنالك قسم كبير من أخوتنا المسلمين يتحدرون مثلنا من الآراميين” . و هنا شكرتني الشرطية فعدت الى قرب زوجتي كي تطمئن بالها و كي نكمل التصوير!
٥ -ظلت سيارة الشرطة واقفة قربنا و لاحظت أن الشرطية و الشرطي الجالس قربها يتناقشان و ينظران صوبنا و بعد ثلاث أو أربع دقائق أخرجت الشرطية رأسها من السيارة و قالت لي:
” من فضلك هل ممكن أن أطرح عليك سؤالا ؟ “و هنا إقتربت بثقة من السيارة و كنت أكيدا أن الشرطية تريد أن تستفهم أكثر عن الآراميين .
قالت لي إن زميلي يريد أن يعرف إذا كانت الأناجيل قد كتبت باللغة الآرامية ؟
و هنا بدأت في الشرح كيف إنتشرت اللغة الآرامية و أن اليهود قد تكلموا بها حوالي ٤٠٠ سنة قبل مجيئ المسيح و هنا سمعت الشرطية تقول لزميلها ” داني أنظر المسيح تكلم اللغة الآرامية …”
و سألتني ” هل يوجد براهين على أن الأناجيل قد كتبت باللغة الآرامية و هنا شرحت بإختصار حول المفردات و التعابير الآرامية في الأناجيل ( طليتا قومي … إيلي إيلي…)
٦ – لم أرغب أن أستطيل في الشرح ( مع إنني لاحظت إن الشرطيان يريدان أن يتعرفان أكثر عن تاريخنا الآرامي ) فإبتعدت من السيارة و إقتربت من زوجتي و أخذت لها بعض الصور و كانت زوجتي مندهشة و قالت لي ” هذه أول مرة أرى رجال شرطة يهتمون لمواضيع تاريخية و ثقافية “!
ثم أكملت ” أنظر إنهما لا يزالان يتناقشان و إنني أكيدة بأنهما يتمنيان طرح أسئلة جديدة عليك “.أجبت زوجتي ” ربما لو لم يكن الطقس ممطرا لكنت أجبت على أسئلتهم ” و من ثم قررنا أنا و زوجتي أن نكمل زيارتنا السياحية
البطريرك غريغريوس حداد :
البطريرك غريغريوس حداد :
في عام 1915 كنت تجد في حارات دمشق جثة طفل هنا وجثة شيخ هناك
فالأتراك أخذوا القمح والشعير وكل ما يؤكل ليطعموا جنودهم في حرب السفر برلك
أصبح الموت جوعاً من المشاهد العادية في دمشق
البطريرك غريغوريوس حداد من محافظة لبنان السورية كان قد رهن كل أملاك البطريركية
واشترى القمح بأسعار غالية لينقذ من الموت ما استطاع من البشر .
كان كل من يمر إلى الكنيسة المريمية يأخذ رغيفاً في اليوم يحميه من الموت
في أحد الأيام اشتكى الخوري الذي يوزع الأرغفة من كثرة عدد المسلمين في ذلك اليوم
رفع البطريرك الرغيف وسأله هل كتب عليه للمسيحيين فقط ؟؟؟؟
أجابه لا :
قال عليك توزيع الخبز بمعدل رغيف يومي لكل من يريد
تدريجياً لم يبقى شيء من أملاك البطريركية لم يتم رهنه ..
رهن البطريرك صليبه الماسي عند أحد اليهود المرابين مقابل ألف ليرة عثمانية
لكن أحد المسلمين فك الرهن وأعاد الصليب إلى البطريرك الذي عاد فباعه سراً
واشترى بثمنه القمح ..
توفي البطريرك عام 1924
خرج في جنازته مسلموا ومسيحيوا دمشق عن بكرة أبيهم
وورث البطريرك الكسندروس طحان بطركية مثخنة بالديون والفوائد الفاحشة
باع أملاك البطريركية ووفى ديونها
في عام 1974 قررت بطريركية الروم الكاثوليك شراء فيلا السيد محمد أكرم الميداني
في ساحة العباسيين لبناء كنيسة سيدة دمشق الحالية
فاوضته لجنة الشراء وانتهى البازار واتفقوا على السعر
كان السيد محمد يعتقد أن الذين يشترون
الفيلا مجموعة أشخاص وعندما سألهم ماذا ستفعلون بالأرض أجابه الأب الياس زحلاوي
سنبني كنيسة ..
فتنازل السيد محمد عن ربع الثمن لأنها كنيسة
في خمسينيات القرن الماضي مر سلطان باشا الأطرش أمام كنيسة يتم بنائها على حدود أرضه
فنادى للكاهن وقال له :
أنا متبرع بقسم من أرضي لتوسعة الكنيسة فشكره الكاهن ..
وقال :
إن الأرض تكفي فأجابه سلطان باشا نريد كنيسة تتسع للمسيحيين والدروز
هذه حقائق الود والاحترام المتبادل بين السورين على تباين طوائفهم
أين نحن اليوم !!؟

Lousin Kerdo